المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

222

على الترديد والقابليّة ـ أي: أنّه قابل لأن يكون حلالاً وقابل لأن يكون حراماً ـ لكونه فعلاً اختياريّاً، وليس من قبيل التنفّس الذي لا يتّصف بالحلّ والحرمة، وهذا خلاف الظهور الأوّل، فإن اُوِّل بإرجاع المطلب إلى الجنس بأن يقال مثلاً: إنّ المشروب فيه حلال وهو الماء، وحرام وهو الخمر، وقد شككنا في أنّ المائع الفلانيّ حلال أو حرام، فهنا يكون الانقسام الفعليّ ثابتاً في المقام، لكن ليس هذا الانقسام منشأ للشكّ، فإنّنا نحتمل حرمة ذاك المائع بقطع النظر عن حرمة الخمر وحلّيّة الماء، ولو لم نكن نعلم بحرمة الخمر مثلاً لعلّنا كنّا نشكّ أيضاً في حرمة كلٍّ من الخمر وذاك المائع كما هو واضح(1).

أقول: إنّ هذا المقدار من البيان يمكن الإيراد عليه بلحاظ الشبهة الحكميّة المفهوميّة بأن نفرض عنواناً كلّيّاً قسم منه حلال وقسم منه حرام، واشتبه القسمان مفهوماً فتردّدنا في فرد مّا من جهة الشبهة المفهوميّة بين دخوله في هذا أو ذاك، فينحفظ فيه كلا الظهورين، كما إذا فرضنا أنّ الماء المطلق حلال والطين حرام وشككنا بنحو الشبهة المفهوميّة في مائع هل هو ماء مطلق أو طين، فانقسام المائع إلى ما هو حلال وهو الماء، وما هو حرام وهو الطين فعليّ، وهذا الانقسام هو الذي جعلنا نشكّ في حكم هذا الفرد باعتبار إجمال مفهومي القسمين.

ولكن يمكن تتميم ما عرفته من التقريب بإضافة شيء عليه، وهو أنّ ظاهر قوله: «حتّى تعرف الحرام منه بعينه» هو أنّ المراد بالمعرفة في المقام معرفة أمر خارجيّ لا معرفة أمر مربوط بعالم الألفاظ كما في الشبهة المفهوميّة، فالشبهة المفهوميّة خارجة عن مورد الحديث؛ لأنّ معرفة الحرام فيها تكون بمعرفة مدلول



(1) راجع رسائل الشيخ الأعظم(قدس سره)، ص 201 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة (رحمت الله).