المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

164

الحقيقيّ؛ إذ عندئذ يقال: إنّ رفع الخطأ والنسيان يعني فرض انتفائهما خارجاً، وافتراض الفعل الصادر بمنزلة الفعل العمديّ الذي لا خطأ فيه ولا نسيان، وهذا خلاف الامتنان. أمّا بناءً على الرفع الحقيقيّ للوجود التشريعيّ فمعنى رفع الخطأ والنسيان رفعهما عن صفحة التشريع بلحاظ ما يفترض لهما من أحكام ثقيلة على العبد، كوجوب سجدتي السهو مثلاً، وهذا موافق للامتنان.

نعم، مع ذلك نقول: إنّ المرفوع هو المخطيّ والمنسيّ لا نفس الخطأ والنسيان؛ وذلك لوجهين:

الوجه الأوّل: وحدة السياق، حيث إنّك عرفت(1) أنّ العنوان الثانويّ في مثل «ما اضطرّوا إليه» اُخذ بنحو المعرّفيّة ومشيراً إلى ما طرأ عليه الاضطرار. وبما أنّ الخطأ والنسيان أيضاً يصلحان لفرضهما عنواناً مشيراً ومعرّفاً للمخطيّ والمنسيّ باعتبارهما شأناً من شؤونهما، ومقتضى وحدة السياق كونهما ملحوظين كذلك، فهما أيضاً كالاضطرار ونحوه اُخذا جهة تعليليّة.

إن قلت: فكيف نصنع بالحسد والطيرة والوسوسة، حيث إنّ المرفوع نفس هذه الاُمور ولم تؤخذ معرّفاً ومشيراً؟

قلنا: إنّ هذه الاُمور ليست عناوين ثانويّة كالاضطرار والإكراه والخطأ والنسيان، ممّا لابدّ من فرض عنوان أوّلي سابق عليها، فوحدة السياق المقتضية لمشيريّة العنوان الثانويّ إلى الذات الثابتة في الرتبة السابقة تختصّ بغيرها وتؤثّر فيما عداها.

الوجه الثاني: أنّ ظاهر الحديث ـ كما مضى ـ هو كون هذه العناوين رافعة.



(1) بالوجه الإنّيّ الماضي في آخر الجهة الثالثة، وبما اُشير إليه هناك من بعض الروايات.