المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

157

لكنّك ترى أنّ هذا الكلام لا يرجع إلى محصّل، فإنّنا لو غضضنا النظر عن دلالة نفس حديث الرفع على ثبوت الاقتضاء، أصبح دليل وجوب سجدتي السهو مثلاً معارضاً لحديث الرفع ومقدّماً عليه بالأخصّيّة، فإنّه وإن دلّ على اقتضاء النسيان لوجوب سجدتي السهو وتحقّق الوجوب بسبب هذا المقتضي، لكن حديث الرفع يدلّ على انتفاء الوجوب ولو بانتفاء الاقتضاء، فلم يتحقّق ما هو مقصودهم من خروج مثل هذا الفرض عن مورد حديث الرفع تخصّصاً لا تخصيصاً.

وبكلمة اُخرى: إنّ مجرّد فرضنا لاقتضاء هذه العناوين للحكم لا يمنع عن دلالة حديث الرفع على نفي الحكم ولو بعدم المقتضي، غاية الأمر أنّ هذا الاقتضاء المفروض وفعليّة تأثيره لو دلّ عليهما دليل كان ذاك الدليل مخصّصاً لإطلاق حديث الرفع.

وتوجيه كلامهم هو ما ذكرناه من استفادة ثبوت الاقتضاء من نفس الحديث، فيلزم من شمول الحديث لأحكام نفس هذه العناوين اتّحاد المقتضي والرافع.

وبكلمة اُخرى: إنّه إذا كان مفاد الحديث هو الرفع على تقدير ثبوت الاقتضاء، فمفاده حتماً هو الرفع على تقدير ثبوت الاقتضاء في عنوان آخر غير نفس هذه العناوين؛ لعدم إمكان رافعيّة هذه العناوين ما تقتضيه نفسها، ففرض اقتضاء نفس هذه العناوين لحكم مّا يعني فرض خروج ذلك عن مورد الحديث تخصّصاً. وهذا بخلاف ما إذا كان مفاد الحديث مجرّد النفي المنسجم مع عدم المقتضي. فعندئذ ليس فرض اقتضاء نفس هذه العناوين لحكم مّا مساوقاً لفرض خروج ذلك عن مورد الحديث تخصّصاً، وغاية ما هناك فرض خروجه عنه تخصيصاً.

والتحقيق: أنّ هذا الكلام بعد هذا التوجيه أيضاً غير تامّ، فإنّ اقتضاء هذه العناوين كالنسيان للحكم ليس من قبيل اقتضاء المقتضي الفاعليّ التكوينيّ لشيء، وإنّما معنى اقتضائها للحكم إيجابها لاتّصاف الشخص أو الفعل بخصوصيّة