المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

156

الاُستاذ ـ في وجه ذلك: ما يكون بعد التوجيه متألّفاً من أمرين:

الأمر الأوّل: ما ظهر فيما سبق من أنّ حديث الرفع يدلّ بنفسه على ثبوت المقتضي للحكم تصحيحاً لاستعمال كلمة الرفع.

الأمر الثاني: أنّ ظاهر حديث الرفع كون هذه العناوين بنفسها سبباً للرفع، لا ملازمة لشيء آخر هو السبب للرفع.

إذا عرفت هذين الأمرين قلنا: إن فرض الحكم مترتّباً على عنوان أوّليّ لا على هذه العناوين، فلا إشكال في شمول حديث الرفع له، ويكون كلا الأمرين ثابتاً في المقام، فذاك العنوان الأوّليّ مقتض للحكم، والعنوان الثانوي كالنسيان مثلاً رافع له. وأمّا إن فرض الحكم مترتّباً على نفس هذه العناوين الثانويّة فلا يمكن شمول حديث الرفع له؛ إذ يلزم من ذلك كون المقتضي للحكم نفس ذلك العنوان، والرافع له أيضاً نفس ذلك العنوان، ويستحيل اتّحاد المقتضي والرافع وكون شيء واحد مقتضياً للنقيضين. نعم، لو أنكرنا الأمر الثاني وفرضنا الرافع شيئاً آخر ملازماً لهذا العنوان ارتفع هذا الإشكال؛ لعدم اتّحاد المقتضي والرافع، كما أنّنا لو أنكرنا الأمر الأوّل ارتفع الإشكال أيضاً، فإنّ حديث الرفع بإطلاقه يدلّ عندئذ على عدم وجوب سجدتي السهو مثلاً للنسيان ولو من باب عدم المقتضي له؛ إذ المفروض أنّ نفس حديث الرفع لا يفرض وجود المقتضي، فدليل وجوب سجدتي السهو يصبح معارضاً لحديث الرفع ومقدّماً عليه بملاك الأخصّيّة.

هذا توضيح ما يستفاد من كلام الأعلام(قدس سرهم) بعد توجيهه.

وإنّما نقول: «بعد توجيهه» لأنّ ظاهر كلامهم هو المفروغيّة عن اقتضاء هذه العناوين للحكم، لكونه هو مفروض الكلام؛ لأنّنا نتكلّم في أنّ حديث الرفع هل يشمل آثار نفس هذه العناوين أو لا؟ فلم يحتاجوا إلى الأمر الأوّل من الأمرين اللذين قدّمناهما من استفادة ثبوت الاقتضاء من نفس حديث الرفع.