المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

154

إن قلت: لعلّه أطلق الرفع باعتبار وجود تلك الأشياء قبل طروّ تلك العناوين، فمثلاً الوضوء يرفع في الوقت الذي لا يطاق، واستعمال كلمة (الرفع) يكون بمناسبة ثبوت الوضوء قبل طروّ عدم الطاقة.

قلت: لم يلحظ في الحديث المكلّف وثبوت حالين له كما فعل ذلك في دليل الاستصحاب، وإنّما لوحظ فيه عالم التشريع. ومن المعلوم أنّ الوضوء في حال الطاقة والوضوء في غير حال الطاقة يكونان بحسب عالم التشريع حصّتين في عرض واحد(1)، ووجود أحدهما لا يصحّح إطلاق الرفع على نفي الآخر، وإنّما


نعم، هناك طريق لتصحيح مثل الوضوء الحرجيّ رغم التردّد بين الاحتمالين، وهو أنّ احتمال ثبوت الملاك يساوق احتمال التخيير بين الوضوء والتيمّم، واحتمال عدمه يساوق احتمال تعيّن التيمّم، وسيأتي في محلّه إنّ الأصل لدى دوران الأمر بين التعيين والتخيير هو البراءة عن التعيين.

نعم، لو كان دليل البدل الاضطراريّ ظاهراً في التعيّن لم يجز الاكتفاء بالأصل الضرريّ، كما هو الحال في الصوم على ما يبدو من ظاهر قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّام أُخَر﴾(1) وقوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّام أُخَر﴾(2).

(1) وقد يكون عدم الطاقة بالنسبة لمكلّف مّا ثابتاً من أوّل الأمر، وهو مشمول لهذا الحديث. وهذا شاهد على أنّ الحديث لم يلحظ حالة عدم الطاقة كحالة ثانية للمكلّف ـ كما لاحظ دليل الاستصحاب حالة الشكّ كحالة ثانية له ـ كي يكون الرفع بلحاظ وجود الحكم في الحالة الاُولى، وهي حالة وجود الطاقة.


(1) سورة 2 البقرة، الآية: 184.

(2) سورة 2 البقرة، الآية: 185.