المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

153

الثالث: أن يفرض للحكم وجود اقتضائيّ وملاكيّ كما هو المقصود.

أمّا الوجه الأوّل: فهو قطعيّ البطلان؛ إذ لا نحتمل ثبوت هذه الأحكام في الشريعة يوماً مّا.

وأمّا الوجه الثاني: فلو احتملنا عقلائيّاً ثبوت تكاليف شاقّة في غاية الضيق في الاُمم السابقة ـ كما يحتمله بعض وكما يظهر من بعض الروايات في كتاب الطهارة(1) ـ أصبح الحديث مجملاً مردّداً أمره بين الوجه الثاني والثالث. لكن الإنصاف أنّه لا ينبغي أن يكون من المحتمل احتمالاً عقلائيّاً ثبوت تكاليف في الاُمم السابقة من هذا القبيل، كالتكليف بما لا يطيقون، وما اضطرّوا إلى خلافه، أو اُكرهوا على ذلك، فيتعيّن بذلك الوجه الثالث، ونستظهر من الحديث الوجود الاقتضائيّ والملاكيّ لتلك الأحكام، وترتّب على ذلك ما يناسبه من الآثار والثمرات في الفقه(2).

 


(1) راجع الوسائل، ج 1، ب 1 من الماء المطلق، ح 4، ص 100.

(2) لا يخفى أنّنا لو شككنا في مورد مّا، كالوضوء مثلاً بعد طروّ بعض هذه العناوين في أنّه هل الملاك موجود فيصّح العمل لو تحمّل المكلّف الحرج أو لا؟ فإنّما يمكن إثبات الملاك بالتمسّك بإطلاق حديث الرفع لو قلنا: إنّ موضوع الحكم في حديث الرفع هو مطلق ما اُكرهوا عليه مثلاً أو ما اضطرّوا إليه أو ما لا يطيقون، فيقال: إنّ التعبير بالرفع دلّ على ثبوت الملاك في مطلق تلك الموارد. أمّا لو قلنا: إنّ التعبير بالرفع دلّ على اختصاص الحديث بفرض ثبوت الملاك، فالتمسّك بإطلاق الحديث لإثبات الملاك تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للعامّ، والتردّد بين الاحتمالين كاف في عدم جواز التمسّك بالإطلاق. إذن فالتمسّك بالإطلاق يتوقّف على تعيين الاحتمال الأوّل.