المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

152

لهذه العناوين، كالاضطرار والإكراه منفيّ من أوّل الأمر، لا أنّه يحرم أوّلاً إتيان ما اضطرّوا إليه أو اُكرهوا عليه ثمّ ترفع الحرمة. ويحتاج استعمال لفظ الرفع في مثال هذا المورد إلى علاقة مصحّحة، وهي في هذا المقام عبارة عن الوجود الاقتضائيّ والملاكيّ للحكم، فكأنّه رفع للشيء الموجود وإن لم يصدق الرفع حقيقة لعدم وجوده.

وتحقيق الحال في هذا المقام أن يقال: إنّه إن بنينا على المبنى غير المرضيّ عندنا من أنّ الرفع رفع تشريعيّ للوجود الخارجيّ، أمكن أن تكون العلاقة الملحوظة المصحّحة لاستعمال كلمة (الرفع) نفس الوجود الخارجيّ لتلك الأشياء، وهذا وإن لم يكن خالياً من العناية؛ لأنّ الرفع الحقيقيّ نفيٌ بعد الوجود ـ أي: نفي في الآن الثاني ـ وهذا نفي ثابت في الآن الأوّل، لكنّ هذه العلاقة كافية لتصحيح استعمال الرفع في المقام بلا حاجة إلى مسألة الملاك والمقتضي.

وأمّا إذا بنينا على المبنى المرضيّ عندنا من أنّ الرفع رفع حقيقيّ للوجود التشريعيّ، فالوجود الخارجيّ ليس مصحّحاً للرفع؛ إذ ليس رفعاً له ـ بحسب الفرض ـ فلابدّ من تصوير وجود آخر لتصحيح كلمة (الرفع) وذلك يتصوّر بوجوه ثلاثة:

الأوّل: أن يفرض أنّ هذه العناوين كان الحكم فيها ثابتاً في أوّل الشريعة، فكان يجب ترك المحرّم المكره عليه أو المضطرّ إليه ونحو ذلك، ثمّ رفع ذلك ونسخ بحديث الرفع.

الثاني: أن يفرض أنّ الحكم فيها كان ثابتاً في الشرائع السابقة، فرفع ونسخ في هذه الشريعة، ويصحّ إطلاق كلمة (الرفع) عن هذه الشريعة؛ لأنّ الحكم المشرّع في أيّة شريعة لا يشرّع بنحو مقيّد وذي أمد من أوّل الأمر، بل يشرّع بنحو الإطلاق ثمّ ينسخ، فحاله حال حكم جعل في نفس هذه الشريعة ثمّ نسخ.