المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

150

قلت: بعد أن فرض أنّ الرفع حقيقيّ، وأنّه ليس رفعاً للوجودات الخارجيّة للعناوين المذكورة في الحديث، وإنّما هو رفع حقيقيّ لشيء قابل للرفع الحقيقيّ، فظاهر حال المتكلّم بوصفه مشرِّعاً كون مقصوده رفع وجود تلك الأشياء في عالم تشريعه للأحكام. والمبطليّة ونحوها ليست من عالم تشريعه، وإنّما هي منتزعة عن أحكامه وتشريعاته. نعم تعدّينا إلى ترك الواجب من باب أنّ العرف يرى وجوب الشيء مساوقاً لحرمة تركه، وكأنّهما شيء واحد، ولا نتعدّى إلى ما هو أبعد من ذلك عن عالم التشريع من قبيل المبطليّة. ومقتضى الجمود على مفاد الحديث حرفيّاً هو عدم التعدّي حتّى إلى ترك الواجب، وإنّما تعدّينا إليه في طول القطع بأنّ العرف لا يفرّق في فهم الحديث بين فعل الحرام وترك الواجب، ولم نكن استفدنا عدم الفرق وشمول الحديث لترك الواجب بسبب قولنا بالتعدّي. وأمّا في مثل موضوع المبطليّة فعدم تفرقة العرف في مفاد الحديث بينه وبين موضوعات أحكام الشارع وتشريعاته غير مسلّم.

وقد تحصّل ممّا ذكرناه: أنّ الحديث ـ بناءً على المبنى المختار ـ لا يدلّ على صحّة الصلاة وغيرها من الواجبات مع ترك بعض الأجزاء اضطراراً.

 

دلالة الرفع على ثبوت الملاك:

الجهة الثانية: أنّه هل يستفاد من حديث الرفع ثبوت ملاكات الأحكام المرفوعة ومقتضياتها في حالات الاضطرار والإكراه ونحو ذلك أو لا؟ واستفادة ذلك تؤثّر أثراً فقهيّاً في تصحيح العمل المأتيّ به في هذه الحالات، فلو اُكره المكلّف مثلاً على ترك الوضوء، فتحمل مشقّة الإكراه وتوضّأ ولم يكن الإكراه بدرجة يحرم الاقتحام حتّى يبطل الوضوء من باب النهي في العبادة، صحّ وضوؤه بنكتة اشتماله على الملاك بناءً على استظهار ذلك من حديث الرفع، وإلاّ فغاية ما