المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

143

من حصص موضوع ذلك الحكم، فلا يشمله ذلك الحكم. إذا عرفت ذلك قلنا في المقام:

إنّنا إن فرضنا أنّ الحكومة كانت بنحو الاعتبار لا بنحو التنزيل ـ وقد عرفت أنّه لا حاجة في عمليّة الاعتبار إلى ملاحظة الأثر ـ فمن الواضح تماميّة الإطلاق، فمثلاً مقتضى الإطلاق إذا قال: (الطواف بالبيت صلاة) هو ثبوت تمام أحكام الصلاة للطواف، وهذا ـ في الحقيقة ـ تمسّك بإطلاق أدلّة تلك الأحكام، حيث يقال: إنّها تشمل بالإطلاق الفرد الحقيقيّ والاعتباريّ للصلاة معاً، وهذا الإطلاق يتمسّك به بالنسبة لكلّ حكم من أحكام الصلاة، فيثبت المطلوب من ترتّب تمام الأحكام. والأمر فيما نحن فيه يكون ـ في الحقيقة ـ على عكس التمسّك بالإطلاق ـ أي: أنّه إعدام للإطلاق لا إثبات للإطلاق ـ فالفعل المضطرّ إليه يرفع عنه تمام أحكامه باعتبار أنّ هذا الفعل اعتبر معدوماً، فتنعدم بهذا الاعتبار حصّة من حصص موضوع جميع أدلّة أحكام ذلك الفعل.

وإن فرضنا أنّ الحكومة كانت بنحو التنزيل فعندئذ قد يتوهّم أنّ هذا حاله حال التقدير، فإنّنا نحتاج في التنزيل إلى الأثر، وهو أمره مردّد بين جميع الآثار وبعض الآثار، كما هو الحال في التقدير، لكن الصحيح أنّ قياسه بالتقدير قياس مع الفارق، فإنّنا في مورد التقدير نحتاج إلى المقدّر في نفس الكلام حذف إثباتاً، وهو موجود في عالم الثبوت، وهو ـ في الحقيقة ـ قرينة متّصلة أمرها مردّد بين الأقلّ والأكثر، و في مثل ذلك يتحقّق الإجمال للكلام لا محالة(1).

وأمّا فيما نحن فيه فلا نحتاج إلى ملاحظة الأثر في عالم مدلول الكلام، وإنّما



(1) نعم، لو لم يكن هناك قدر متيقّن في مقام الخطاب فكان عدم الإطلاق مساوقاً للإهمال، فظهور حال المتكلّم في عدم كونه في مقام الإهمال يثبت الإطلاق.