المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

140

الرفع التشريعيّ للوجود الخارجيّ، فهي وإن كانت خلاف ما قد يتراءى من أنّه بعد أن كانت العناية في الرفع والعناية في المرفوع كلتاهما على طبق الطبع الثانويّ لكلام المولى ـ كما عرفت ـ فلا موجب لتقديم إحداهما على الاُخرى، فلو فرض على أحد التقديرين وجود فائدة زائدة ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ وجب الاقتصار على القدر المتيقّن، ولكنّها تظهر بالالتفات إلى نكتة، وهي أنّ الرفع التشريعيّ للوجود الخارجيّ للشيء يتوقّف على ثبوت وجود خارجيّ لذلك الشيء، والعناوين المذكورة في الحديث ليست جميعها من هذا القبيل، فإنّ واحداً منها وهو «ما لا يطيقون» غير موجود بحسب الخارج، لفرض تركه بعدم الطاقة، وكذلك النسيان إن جعل كناية عن المنسيّ ـ كما يفسّره الاُصوليّون(قدس سرهم)، ويأتي الكلام فيه إن شاء الله ـ وبما أنّ ظاهر الحديث كون الرفع في الجميع بنهج واحد، فلابدّ من حمل الحديث على رفع وجود تلك العناوين في عالم التشريع لا رفع وجودها الخارجيّ.

وليكن المراد من عالم التشريع هو عالم المسؤوليّة المولويّة وحساب المولى، لا عالم الجعل بالخصوص حتّى لا يستشكل من حيث إنّ بعض الأشياء ليس له وجود في عالم الجعل، فمثلاً لو أنّ إنساناً اضطرّ إلى ترك واجب فالمضطرّ إليه، وهو ترك الواجب ليس موضوعاً لحكم شرعيّ ولا متعلّقاً لحكم شرعيّ ـ بناءً على أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه العامّ ـ فكيف يفرض في المقام نفي موضوعيّته، أو متعلّقيته مع أنّ الفهم العرفيّ لا يفرّق في مقام فهمه للحديث بين ترك الواجب، وفعل الحرام؟ فيظهر أنّ العرف يفهم من رفع الشيء بحسب عالم التشريع رفعه في عالم المسؤوليّة المولويّة، وعالم حساب المولى بنحو ينطبق على فعل الحرام وترك الواجب وإن فرض أنّه بالتدقيق الاُصوليّ يفترق فعل الحرام عن ترك الواجب، بأنّ الأوّل وقع موضوعاً لحكم شرعيّ والثاني لم يقع موضوعاً لحكم شرعيّ.