المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

139

في الرفع، والعناية في المرفوع، يقع الكلام في مقامين: أحدهما تعيين ما هو الأظهر في الحديث، والآخر بيان الثمرات المترتّبة على هذه الاحتمالات، وأنّ الفرق بينها ليس مجرّد فرق عنواني، بل يختلف الأمر باختلاف تلك الحالات.

أمّا المقام الأوّل: وهو تعيين ما هو الأظهر من الاحتمالات الثلاثة، فلنا فيه دعويان: الاُولى تعيّن الاحتمالين الأخيرين في قبال الاحتمال الأوّل، والثانية تعيّن الاحتمال الثالث في قبال الثاني.

أمّا الدعوى الاُولى: وهي تعيّن الاحتمالين الأخيرين في قبال الأوّل، فهي وإن كانت خلاف ما قد يتراءى في النظر من كون الاحتمالات الثلاثة في عرض واحد؛ إذ المفروض أنّه لا يمكن الأخذ بالمقتضى الأوّليّ للظهور في الحديث ولابدّ من إعمال عناية، ولا فرق بين فرض العناية في التقدير، أو في الرفع، أو في المرفوع، فيقع التعارض بين أصالة عدم التقدير وأصالة الظهور في جانب الرفع وأصالة الظهور في جانب المرفوع، لكنّها تظهر بالالتفات إلى نكتة، وهي أنّ ظاهر حال الشارع عند تكلّمه بمثل هذا الكلام هو أنّه يتكلّم متقمّصاً قميص المولويّة بوصفه صاحب الشريعة، وبلحاظ هذه الحال ليست إرادة الرفع التشريعيّ، أو رفع الوجود التشريعيّ خلاف ظاهر الكلام وإن كانت خلاف ظاهر الكلام بقطع النظر عن هذه الحال، لكون مقتضى الطبع الأوّليّ لكلّ مفهوم في مقام الاستعمال فناءه في الفرد الحقيقيّ لذلك المفهوم دون الفرد العنائيّ، وهذا بخلاف الحذف والتقدير، فإنّه خلاف ظاهر الحال، وإن فرض تقمّص المتكلّم بقميص المولويّة، فإنّ المتكلّم في أيّ مجال، وبأيّ حال من الأحوال يكون ظاهر حاله أن يذكر في مقام الإثبات كلّ ما يقصده في مقام الثبوت ولا يحذف منه شيئاً، فتجري أصالة عدم التقدير من دون معارضة بأصالة الظهور في جانب الرفع أو المرفوع.

وأمّا الدعوى الثانية: وهي تعيّن الرفع الحقيقيّ للوجود التشريعيّ في قبال