المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

132

الشبهات الحكميّة يكون الحكم غير معلوم حقيقة، فتكون داخلة في مفاد الحديث.وأمّا إضافة عدم العلم إلى الموضوع الخارجيّ، كالمائع المردّد بين كونه ماءً أو خمراً، فتكون بضرب من المسامحة والعناية؛ لأنّ المجهول ليس هو ذات الموضوع، بل هو عنوانه، فإنّ ذات الموضوع عبارة عن ذات هذا المائع، وهو ليس مجهولاً، وإنّما هو مجهول العنوان، فتوصيف ذات الموضوع بالجهل يكون من باب توصيف الشيء بحال متعلّقه، فهذا غير مشمول لإطلاق الحديث، فإنّ الإطلاق إنّما يتكفّل شمول المفهوم لأفراده الحقيقيّة، لا لأفراده العنائيّة(1).



(1) الموجود في نهاية الأفكار يختلف عمّا نقله اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في المقام من وجهين:

الأوّل: أنّه لم يجعل إضافة عدم العلم إلى الموضوع الخارجيّ خلاف الظاهر بنكتة كون توصيف الشيء بحال متعلّقه خلاف الظاهر، بل جعله خلاف الظاهر بنكتة وحدة السياق باعتبار أنّ المراد بالموصول في غير (ما لا يعلمون) من العناوين هو ما كان بنفسه معروضاً للوصف من الاضطرار أو غيره، فلو حمل (ما لا يعلمون) على ما لا يكون بنفسه معروضاً لوصف عدم العلم وإنّما المعروض له هو عنوانه، كان هذا خلاف وحدة السياق. إذن لا ينبغي حمل الموصول في (ما لا يعلمون) على الفعل؛ لأنّه ليس بنفسه غير معلوم، وإنّما يكون عنوانه غير معلوم.

والثاني: أنّه لم يجعل هذا قرينة على اختصاص الحديث بالشبهات الحكميّة، وإنّما جعله قرينة على عدم اختصاصه بالشبهات الموضوعيّة، باعتبار أنّ فرض اختصاصه بالشبهات الموضوعيّة يتطلّب تفسير الموصول بمعنى الفعل، وهو مجهول بعنوانه لا بنفسه، وهذا خلاف مقتضى وحدة السياق، فلابدّ من تفسير الموصول بمعنى الحكم، والحكم بنفسه مجهول في الشبهات الحكميّة وفي الشبهات الموضوعيّة معاً، إلاّ أنّ منشأ الشكّ في الشبهات الحكميّة فقد النصّ، أو إجماله، أو تعارض النصّين، وفي الشبهات الموضوعيّة الاشتباه في الاُمور الخارجيّة.