المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

100

وثانياً: إنّ مقصود الحديث هو بيان شأن من شؤون الشريعة في نفسها، ولا يضرّ فرض عدم بقاء موضوع لذلك بعد عصر الرسول(صلى الله عليه وآله).

الثاني: أنّنا لو غضضنا النظر عمّا عرفته من المعنى الوسط بين الإباحة الواقعيّة والإباحة الظاهريّة، قلنا: إنّ من الممكن حمل الإطلاق في هذا الحديث على الإباحة الواقعيّة والورود على الصدور، ولا يلزم من ذلك محذور تعليق أحد الضدّين على عدم الآخر، ولا محذور اللغويّة وتوضيح الواضحات؛ وذلك لأنّه لم يعلّق ملاك الإباحة على عدم ملاك الحرمة حتّى يقال: إنّهما متضادّان، أو متناقضان، ولا يعقل تعليق أحدهما على عدم الآخر، بل علّقت نفس الإباحة على عدم ورود النهي، والنهي معناه الخطاب والتبليغ من قِبل الشارع، فلعلّ هذه الرواية تكون بصدد بيان أنّ الملاكات الواقعيّة للحرمة لا تؤثّر في الحرمة ما لم يتصدّ الشارع للتبليغ من قِبله ويجعل الخطاب على طبقها، أي: أنّ صدور التبليغ من قِبل الحجج قيد في تماميّة ملاك التحريم(1). وفائدة ذلك أنّنا لو اطّلعنا عن طريق


البحار ـ ج 52، ب 27 من تأريخ الإمام الثاني عشر، ح 9، ص 332 ـ عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: «إذا قام القائم جاء بأمر غير الذي كان».

وأيضاً وردت في الكافي روايات في أنّ الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) سيحكم بالواقع لا بالبيّنات والأيمان. راجع اُصول الكافي، ج 1، باب في أنّ الأئمّة(عليهم السلام) إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود، ولا يسألون البيّنة. ص 397، و398. ولكن أكثر الروايات الراجعة إلى الحجّة (عجّل الله فرجه) أو كلّها تدلّ على تبدّل التشريع بالنسبة له، لا على فراغ في التشريع يكتمل في زمانه.

(1) قد يقال: إنّ التبليغ لو كان قيداً في تماميّة ملاك التحريم لم يبقَ للمولى داع إلى التبليغ.