المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

766

غير المظنون، بل إمّا أنّه لا ينطبق إلّا على المظنون، كما لو كان التكليف في علم الله ثابتاً في المظنون دون غيره، أو تكون نسبته إلى المظنون وغير المظنون على حدّ سواء، كما لو كان التكليف في علم الله ثابتاً في المظنون وغير المظنون، فلئن قلنا بعدم انحلال العلم الإجماليّ بحجّيّة الظنّ في القسم الأوّل، فلا ينبغي الإشكال في انحلاله في القسم الثاني؛ وذلك لأنّ الظنّ الذي فرض أمارة شرعيّة في المقام يدلّ بالملازمة على عدم تعيّن انطباق المعلوم بالإجمال على غير المظنون؛ لما عرفت: من أنّه لو كان مفاد الظنّ مطابقاً للواقع لا يحتمل تعيّن انطباق المعلوم بالإجمال على غيره، وهذا يكفي في جريان البراءة العقليّة في غير المظنون وعدم العقاب على مخالفة غير المظنون؛ لأنّ الأمارة قد دلّت على أنّ المعلوم بالإجمال إمّا لا يصلح للانطباق على غير المظنون، أو تكون نسبته إلى المظنون وغير المظنون على حدّ سواء، فعلى الأوّل لا موضوع لوجوب الامتثال في غير المظنون، وعلى الثاني أيضاً لا يجب الامتثال فيه؛ لأنّ العلم الإجماليّ غاية ما يقتضيه هي الموافقة القطعيّة للجامع بوصف مصادفته للتكليف الواقعيّ، وقد حصل ذلك بحكم الأمارة في ضمن العمل المظنون.

ثُمّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا: أنّ الكشف والحكومة إنّما يتّمان بناءً على جريان البراءة العقليّة في غير المظنونات، ومن هنا يمكن أن يتخيّل أنّه لا مجال لهما بناءً على مختارنا: من إنكار البراءة العقليّة رأساً.

ولكن الواقع: أنّنا وإن أنكرنا البراءة العقليّة، ولكنّنا نؤمن ـ كما سيتّضح إن شاء الله في بحث البراءة ـ ببراءة شرعيّة في رتبة البراءة العقليّة، وفرضت غايتها البيان بنحو يشمل العلم الإجماليّ، ففي مورد العلم الإجماليّ تسقط هذه البراءة بنفس العلم الإجماليّ لا بالتعارض ـ بخلاف البراءة المفهومة من مثل قوله: (رفع ما لا يعلمون) ـ فبعد فرض حجّيّة الظنّ شرعاً بالكشف، وانحلال العلم الإجماليّ بأحد