المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

765

بنفسه يمنع عن جريان البراءة العقليّة لا بواسطة التعارض إذن لا مجال لنفي غير المظنونات بها، وبالتالي يكون لزاماً علينا ضمّ بعض من غير المظنونات بالمظنونات في الامتثال بقدر لا ينتهي إلى العسر والحرج.

قلت: إن للكشف مجالاً رغم فرض القول بأنّ العلم الإجماليّ يقتضي بنفسه الموافقة القطعيّة، وذلك بناءً على أحد مبنيين في علم الاُصول:

الأوّل: ما بنى عليه المحقّق العراقيّ والمحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله): من أنّ الأصل المثبت للتكليف إذا جرى في أحد طرفي العلم الإجماليّ أوجب انحلال العلم الإجماليّ، رغم إيمانهما بأنّ العلم الإجماليّ يقتضي بنفسه الموافقة القطعيّة. وتحقيق صحّة هذا المبنى وعدمه موكول إلى محلّه، وإنّما المقصود هنا أنّه بناءً على هذا المبنى يكون العلم الإجماليّ منحلاًّ بالظنّ بالتكليف الذي فرضت حجّيّته على الكشف، فإنّه أصل مثبت للتكليف في بعض أطراف العلم الإجماليّ، فتجري البراءة العقليّة في باقي الأطراف بلا معارض.

الثاني: لو بنينا على أنّ القول بحجّيّة الظنّ على الكشف يؤدّي إلى حجّيّة مثبتاته لدخول ذلك في كبرى حجّيّة مثبتات الأمارة (وهذا ما ناقشناه فيما سبق)، فهذا ينتج لنا في المقام انحلال العلم الإجماليّ بسبب الظنّ الذي يكون حجّة على الكشف، وتوضيح ذلك: إنّ المعلوم بالإجمال تارةً يحتمل تعيّن انطباقه على غير المظنون حتّى مع فرض مطابقة الظنّ للواقع، واُخرى ليس كذلك، مثال الأوّل: ما لو علمنا بنجاسة إناء زيد مثلاً، وكان إناء زيد مردّداً بين إناءين، وظننّا بنجاسة أحدهما بالخصوص، فهنا يحتمل تعيّن انطباق المعلوم بالإجمال على الفرد الآخر غير ما ظننّا بنجاسته حتّى مع فرض مطابقة الظنّ للواقع؛ إذ من المحتمل كون إناء زيد هو الإناء الآخر غير ما ظننّا بنجاسته. ومثال الثاني: هو ما نحن فيه، فإنّه على تقدير مطابقة الظنّ للواقع في المقام لا يحتمل تعيّن انطباق المعلوم بالإجمال على