المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

764

بأنّ العلم الإجماليّ يقتضي بنفسه وجوب الموافقة القطعيّة لا بتعارض البراءاتالعقليّة في الأطراف وتساقطها لم تكن حجّيّة الظنّ بالحكومة مجدية في رفع اليد عن الاحتياط في غير المظنونات، وبالتالي يكون لزاماً علينا ضمّ بعض من غير المظنونات إلى المظنونات في الامتثال بمقدار لا يلزم منه العسر والحرج؛ إذ لا يمكننا نفي غير المظنونات لا بالبراءة الشرعيّة ولا بالبراءة العقليّة:

أمّا الاُولى: فلأنّ الحكومة إنّما تحقّقت في طول تساقط البراءات الشرعيّة بالتعارض؛ إذ لو جرت في المظنونات لقدّمت على حجّيّة الظنّ بالحكومة. إذن فحجّيّة الظنّ بالحكومة لا تمنع البراءة في المظنونات عن معارضتها للبراءة في غيرها؛ لأنّها كانت في طول هذه المعارضة والتساقط.

وأمّا الثانية: فلأنّ المفروض عدم جريان البراءة العقليّة في أطراف العلم الإجماليّ بقطع النظر عن المعارضة.

وهذا بخلاف ما لو قلنا: إنّ البراءات العقليّة إنّما تساقطت بالتعارض، فعندئذ تكون حجّيّة الظنّ على الحكومة مساوقة لعدم ابتلاء البراءة العقليّة في غير المظنونات بالمعارض.

إن قلت: إنّ هذا الشرط الثالث لا يختصّ بالحكومة، بل يكون ثابتاً في الكشف أيضاً، فإنّ الكشف عن حجّيّة الظنّ شرعاً كان أيضاً في طول تساقط البراءة الشرعيّة، فلا ترجع البراءة الشرعيّة مرّة اُخرى، ولابدّ لنا في إثبات الترخيص في المخالفة في غير المظنونات من التمسّك بالبراءة العقليّة، وإلّا لم يبق مجال للترخيص في المخالفة إلّا بمقدار نفي العسر والحرج، والبراءة العقليّة إنّما تجري في غير المظنونات بعد الكشف عن حجّيّة الظنّ بناءً على كون سقوطها في المظنونات وغير المظنونات بالتعارض، فإذا أصبح الظنّ حجّة أصبحت البراءة العقليّة في غير المظنونات خالية عن المعارض. أمّا لو قلنا بأنّ العلم الإجماليّ