المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

760

كثيراً مّا ينشأ عن مصلحة في الترخيص لا عن مجرّد عدم المفسدة والمصلحة.

وهذان الفارقان بين فرض جعل الحجّيّة للظنّ وفرض وجوب الاحتياط نكتتان لحصول الاطمئنان أو القطع بعدم اكتفاء الشارع بمجرّد الاحتياط بمقدار لا يلزم منه العسر والحرج، كما مضى منّا: أنّ مصبّ الإجماع بقطع النظر عن نفس الإجماع ممّا يطمأنّ به أو يقطع به.

وأمّا حجّيّة المثبتات بناءً على جعل الظنّ حجّة، أو جواز إسناد الحكم إلى الشارع بناءً عليه؛ لقيام الأمارة مقام القطع الموضوعيّ، فهذان الأمران لا نقطع ولا نطمئنّ بتحقّقهما فيما نحن فيه بقطع النظر عن الإجماع؛ إذ نكتة القطع غير موجودة فيها، وإنّما نقول بقيام خبر الثقة مقام القطع الموضوعيّ ـ إن قلنا به ـ لأجل استظهار ذلك من لحن لسان الدليل اللفظيّ على حجّيّته؛ لأنّ ظاهر قوله: «آخذ عنه معالم ديني»، وقوله: «قول من أقبل» مثلاً هو الأخذ والقبول بمعنى فرضه عالماً بنفس الحكم الواقعيّ وإسناده إلى المولى، وليس المقصود مجرّد البناء على الحكم الظاهريّ؛ لأنّ هذا إنّما يتحقّق في طول قول الراوي، أمّا الذي يؤخذ من الراوي ويقبل فإنّما هو الحكم الواقعيّ(1).

والحاصل: أنّ هذين الأمرين الأخيرين، أعني: حجّيّة المثبتات، وإسناد الحكم المظنون إلى الشارع، ليس لدينا اطمئنان بتحقّقها فيما نحن فيه بقطع النظر عن الإجماع.

بل لو تمّ الإجماع حتّى بلحاظ هذه الخصوصيّات فحصول القطع منه بها صعب، فالقدر المتيقّن فيما نحن فيه هو الأمران الأوّلان.

الشرط الثاني: ثبوت منجّز للمظنونات في المرتبة السابقة على هذا الإجماع،


(1) ولو تمّ هذا البيان دلّ على قيام الظهور أيضاً مقام القطع الموضوعيّ؛ لأنّ المقصودبأخذ معالم الدين ـ مثلاً ـ من الثقة ليس هو الأخذ بصريح كلامه فحسب دون ظهوره.