المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

753

المبنى الثاني: الحكومة. وأساسها أنّ العقل العمليّ يحكم بأنّ على الإنسان أداء حقّ العبوديّة بالنسبة لمولاه جلّ شأنه، وعند الانفتاح كان يؤدّي حقّ العبوديّة بامتثال التكاليف المعلومة، وبعد أن فرض انسداد باب العلم عليه ولم يتمكّن من امتثال التكاليف المعلومة بمقدار قضاء حقّ العبوديّة حكم عليه العقل بأداء حقّ العبوديّة بامتثال التكاليف المظنونة، وعندئذ لا إشكال في ترجيح الظنّ على الوهم، ويجب على هذا المبنى أن يكون المقصود من كون تقديم الوهم ترجيحاً للمرجوح على الراجح وهو قبيح: أنّه لو اقتصر في مقام الامتثال على الإتيان بالتكاليف الموهومة حكم عليه العقل العمليّ بقبح ذلك، أي: بعدم خروجه عن عهدة حقّ العبوديّة.

المبنى الثالث: الكشف. وأساسه دعوى الإجماع والقطع بأنّه ليس بناء الشريعة على الاحتياط، لا بمعنى حرمته أو وجوب قصد الوجه ونحو ذلك، بل بمعنى أنّ الشريعة تجعل دائماً طريقاً آخر للامتثال غير الاحتياط، فيقع الكلام عندئذ في أنّ الطريق الذي جعله الشارع هل هو الظنّ، أو الوهم ؟ وأنّه على الأوّل هل الطريق هو الظنّ الشخصيّ كما هو غرض الانسداديّ، أو الظنّ النوعيّ ؟ فالكلام يقع في مقامين:

المقام الأوّل: في أنّ الطريق المجعول هل هو الظنّ، أو الوهم ؟ والمحتملات في المقام ثلاثة: جعل الحجّيّة للظنّ، وجعلها للوهم، وجعل الحجّيّة التخييريّة بينهما، وذلك معقول، فإنّه قد يكون مقدار اهتمام المولى بأغراضه بدرجة تحصل بمجرّد جعل الحجّيّة التخييريّة بينهما ويكفي في الوصول إلى أغراضه بمقدار اهتمامه العمل بإحدى الطائفتين.

وقد جعلت هذه المقدّمة لإبطال الشقّ الثاني وهو حجّيّة الوهم، وهنا يجب أن تجري قاعدة قبح ترجيح المرجوح على الراجح في حقّ المولى لا في حقّ العبد