المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

751

نفسه؛ لأنّ ما يستفاد من أخبار القرعة إنّما هو مرجعيّتها في الرتبة المتأخّرة عن أيّ وظيفة شرعيّة، بل وأيّ وظيفة عقليّة، حيث إنّ المأخوذ فيها عنوان تفويض الأمر إلى الله، وذلك ظاهر فيما ذكرناه، فإنّ التفويض إلى الله إنّما يكون عند عدم طريق من قبل الله تأسيساً أو إمضاء لحكم العقل. وأمّا مع وجود مثل هذا الطريق فلا يكون رفضه والتمسّك بالقرعة تفويضاً للأمر إلى الله، وإنّما هو رفع اليد عمّا فرضه الله تأسيساً أو إمضاء، وفيما نحن فيه يوجد بقطع النظر عن القرعة ملجأ آخر يلجأ إليه، حيث يثبت بمثل العلم الإجماليّ وقاعدة نفي الحرج ونحو ذلك التنجيز بالنسبة لبعض الاُمور والتعذير لبعض الاُمور(1). وتفصيل المطلب في تأخّر القرعة عن كلّ القواعد العقليّة والشرعيّة يُرجأ إلى مجال آخر.

 

5 ـ بطلان الرجوع إلى الوهم دون الظنّ:

المقدّمة الخامسة: بطلان الرجوع إلى الوهم دون الظنّ؛ لكونه ترجيحاً للمرجوح على الراجح، وهو قبيح مثلاً، وبهذا يبطل آخر الشقوق في القضيّة


(1) عنوان التفويض إلى الله وارد في بعض روايات القرعة، من قبيل ما عن أبي جعفر(عليه السلام) بسند تامّ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ليس من قوم تقارعوا ثُمّ فوّضوا أمرهم إلى الله إلّا خرج سهم المحقّ»(1). والمفهوم من تفويض الأمر إلى الله في تشخيص الواقع ليس هو افتراض عدم وجود طريق آخر لتعيين الوظيفة خاصّة إذا لم يؤدّ ذاك الطريق إلى أمر إلزاميّ، ولكن هناك أكثر من نكتة لصرف هذا الحديث عمّا نحن فيه، منها: أنّ المفهوم عرفاً من نسبة الأمر إلى قوم وفرض انقسامهم إلى المحقّ وغير المحقّ إنّما هو باب النزاع. وتمام الكلام نوكله إلى بحثنا المفصّل في ذلك في كتاب القضاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل، ج 18، ب 13 من كيفيّة الحكم، ح 6، ص 188.