المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

750

الارتكاز وبناء العقلاء(1)، فإنّه لوحظت فيه نكتة الكاشفيّة.

وأمّا الثاني: فلأنّ هذا الانسداديّ إمّا نفرض قطعه ولو إجمالاً، أو احتماله لكون ذاك المجتهد السابق غير ملتفت إلى بعض النكات التي التفت إليها هذا الانسداديّ ممّا يكون دخيلاً في الحكم، أو نفرض أنّه لا يحتمل ذلك، وأنّه يعلم أنّ فكر ذاك المجتهد مطابق تماماً لفكره الصحيح عنده، وإنّما الفرق بينهما أنّ الأوّل وقع في عصر الانفتاح، وهذا وقع في عصر الانسداد، فلو كان واقعاً في ذاك العصر لكان انفتاحيّاً ولأفتى بكلّ ما أفتى به ذاك الانفتاحيّ، فإن فرض الأوّل لم يجز له التقليد أيضاً؛ لأنّ الارتكاز والسيرة العقلائيّة غير قائمين على رجوع شخص عارف لنكات إلى من يعلم أو يحتمل فقدانه لتلك النكات الدخيلة في الحكم، وإن فرض الثاني فمعنى ذلك أنّ إفتاء المجتهد السابق أصبح بالنسبة لهذا الانسداديّ كاشفاً قطعيّاً عن الواقع أو الحجّة المعتبرة، وهذا خلف المفروض في المقام، فإنّه خلف للانسداد وللتقليد معاً.

وأمّا القرعة ـ لو احتمل أحد مرجعيّتها في المقام، ولا تحتمل عادة ـ: فيرد عليها:

أوّلاً: أنّ دليل القرعة لو تمّ فهو ظهور أخبار آحاد، وليس حجّة في رأي الانسداديّ وإلّا لم يقل بالانسداد، وإنّما يمكن اقتراح مرجعيّتها بعد الانسداد لا بدليل سابق كاقتراح مرجعيّة الظنّ، وهذا ممّا يرتبط بالمقدّمة الخامسة لا بهذه المقدّمة.

وثانياً: ما هو محقّق في محلّه من عدم تماميّة دليل القرعة في مثل المقام في


(1) أمّا الدليل اللفظيّ فلا يتمّ منه ما عدا ظهور لبعض الأخبار الآحاد، والمفروض لدى الانسداديّ عدم حجّيّته، على أنّه منصرف أيضاً إلى نكتة الكاشفيّة المركوزة لدى العقلاء.