المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

70

العموم أو الإطلاق فليست في عرض حجّيّة خبر الثقة(1)، فلا منافاة بينهما كما يظهر توضيحه ممّا مضى. هذا كلّه فيما لو كانت الأمارة المشكوك حجّيّتها دالّةً على الإلزام.

ويأتي عين ما ذكرناه فيما لو كانت الأمارة المشكوك حجّيّتها دالّة على الترخيص وكانت الوظيفة بقطع النظر عنها إلزاميّة، فالوظيفة العقليّة لا تختلف بمجرّد احتمال حجّيّتها. وأمّا الوظيفة الشرعيّة فإن كانت ثابتة بحكم ظاهريّ في رتبة حجّيّة الخبر فالمرجع نفس ذلك الحكم الظاهريّ، ويدلّ بالالتزام على نفي تلك الحجّيّة. وإن كانت ثابتة بعموم أو إطلاق فالمرجع نفس ذاك العموم أو الإطلاق، ولكن لا يثبت بالدليل الاجتهاديّ عدم تلك الحجّيّة؛ لعدم التنافي بين مفاد ذاك العموم أو الإطلاق وحجّيّة خبر الواحد.

هذا. وقد تحقّق من تمام ما ذكرناه: أنّ ما جاء في عبائر الأصحاب(قدس سرهم)من (أنّ الشكّ في الحجّيّة مساوق للقطع بعدم الحجّيّة) متين، فإنّ الظاهر أنّه ليس مقصودهم من ذلك أخذ القطع بالحجّيّة في موضوع الحجّيّة، وإنّما مقصودهم أنّ الشكّ في الحجّيّة مساوق من حيث النتيجة للقطع بعدم الحجّيّة، أو أنّ المقصود بالحجّيّة الثانية هو ترتّب الآثار العقليّة: من التنجيز والتعذير، لا ثبوت الخطاب الظاهريّ من قبل المولى، بخلاف الحجّيّة الاُولى.

هذا تمام الكلام في هذا الوجه لكيفيّة تأسيس الأصل في المقام.


(1) فإنّ حجّيّة العموم أو الإطلاق موضوعها هو العموم أو الإطلاق الذي لم تعلم معارضته بحجّة أقوى منه، إذن فالشكّ في حجّيّة خبر الواحد الذي عارض العموم أو الإطلاق مأخوذ في موضوع حجّيّة العموم أو الإطلاق، وهذه الحجّيّة تؤمّننا عن احتمال اهتمام المولى بغرضه الواقعيّ بجعل حجّيّة الخبر من دون أن تنفيها؛ ذلك لأنّ نسبتها إليها كنسبة الحكم الظاهريّ الترخيصيّ إلى الواقع الذي يؤمّننا من قبله ولكن لا ينفيه؛ لعدم المنافاة بين الحكم الواقعيّ والظاهريّ.