المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

693

الانسداد حتّى على القول بعدم منجّزيّة العلم الإجماليّ، فهذا الوجه لا يكون راجعاً إلى الوجه الأخير وهو العلم الإجماليّ. وقد نوقش في هذا الإجماع بأنّه لا سبيل إلى الجزم به بعد أن كانت المسألة من المسائل المستحدثة، ولا علم لنا بذلك إلّا عن طريق تصريحاتهم، ولا تصريحات لهم في المقام.

والشيخ الأعظم(قدس سره) حاول إثبات الإجماع بالاستشهاد بكلمات جملة من الفقهاء واستظهار عدم رضاهم بجريان البراءة منها.

والواقع: أنّه لا مجال للتشكيك في هذا الإجماع، فإنّنا جازمون وجداناً بعدم رضا فقيه بإجراء البراءة في كلّ الشبهات لدى فرض الانسداد، إلّا أنّ هذا لا يفيدنا كدليل على المقصود في مقابل الوجه الثاني؛ لأنّ جزمنا بهذا الإجماع يكون في طول جزمنا بأصل ما انعقد عليه الإجماع، فإنّنا نرى أنّ عدم جريان البراءة في تمام هذه الشبهات يكاد يكون من ضروريّات الدين كعدم وجوب صلاة سادسة، وهذه الضرورة مقتنصة من ملاحظة مجموع ما جاء في الشريعة: من آيات وروايات وأفعال للأئمّة(عليهم السلام) ومقدار اهتمامهم بالأحكام وجهدهم في تثبيتها ونشرها، وحيث إنّنا نرى هكذا فلا نحتمل في فقيه مارس هذه الأفعال والأقوال وهذه الآيات والروايات أن لا يقتنص هذه القضيّة من هذا المجموع المركّب، ولولا جزمنا في الرتبة السابقة بصحّة أصل المطلب ـ كما عرفت ـ لم يكن لنا أيّ طريق إلى إثبات هذا الإجماع، فهذا الوجه في الحقيقة يرجع إلى الوجه الثاني.

الثاني: لزوم الخروج عن الدين من إجراء البراءة في تمام الشبهات. وليس المراد بالخروج عن الدين في المقام الخروج عنه بنحو يساوق الكفر كي يقال: إنّ ترك الواجبات اليقينيّة لا يوجب الكفر فضلاً عن ترك الاحتياط في هذه الشبهات، كما أنّه ليس المراد بالخروج عن الدين في المقام وقوع المخالفة الكثيرة للدين كي يقال: إنّ المخالفة الكثيرة للدين إن كان المحذور الذي يتصوّر فيها عبارة عن