المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

612

القبيل، أي: بالمعارضة لأمارة مّا بحسب حالة شاذّة لهذا الشخص، فهل يبقى خبر الثقة حجّة، أو لا ؟ التحقيق: بقاؤه على الحجّيّة، ولا نحتاج في ذلك إلى تكلّف إثبات انطباق السيرة على ذلك حتّى يناقش فيه أو لا يناقش، بل يكفينا إطلاق حديث «العمريّ وابنه ثقتان» ونحوه، وليست هناك قرينة على خلاف هذا الإطلاق: من ارتكاز عقلائيّ، فإنّ جعل الحجّيّة لخبر الثقة رغم تزاحمه بمثل هذه الأمارات لغلبة صدقه على صدقها إن لم يكن عليه ارتكاز العقلاء، فلا أقلّ من عدم الارتكاز العقلائيّ على خلافه.

وأمّا القسم الثاني: فكما لو تعارض خبر الثقة مع أخبار عديدة من غير الثقات، أو مع الشهرة، أو نحو ذلك من الأمارات الظنّيّة، ففقد ما كان له من الكشف بحسب نظر العقلاء، فعندئذ هل يكون هذا الخبر حجّة، أو لا ؟ تارةً يستشكل في حجّيّته ثبوتاً، واُخرى يستشكل فيها إثباتاً:

أمّا الإشكال الثبوتيّ: فبتقريب أنّ مبنانا في الأحكام الظاهريّة يكون على الطريقيّة لا السببيّة، وعليه فلا يعقل ثبوتاً جعل الحجّيّة لهذا الخبر؛ لأنّ جعلها له دون نقيضه ترجيح بلا مرجّح. وبكلمة اُخرى: إنّ ملاك الحجّيّة غير موجود في المقام؛ لأنّ ملاكها الكشف، وهو غير ثابت لهذا الخبر، فإنّ نسبة هذا الخبر ونقيضه إلى الواقع على حدّ سواء.

وأمّا الإشكال الإثباتيّ: فتقريبه أنّ الوثاقة كما عرفت اُخذت بما لها من الكشف لا بما هي حالة نفسيّة، ومع قطع النظر عن الكشف يصبح التعليل بالوثاقة تعليلاً تعبّديّاً صرفاً، والمفروض أنّ الخبر فيما نحن فيه غير كاشف بالفعل، واقتضاء الكشف غير الكشف.

وربّما يجاب عن الإشكالين بأنّ من الممكن افتراض أنّ المولى رأى أنّ الموافق للواقع في أخبار الثقات المعارضة للشهرة ـ مثلاً ـ أكثر من الموافق للواقع