المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

608

التبيّن عن نبأ الفاسق، وهو بيان لعدم حجّيّته كما مضى، فقد يقال: يقع التعارض بين الآية ودليل حجّيّة خبر الثقة بالعموم من وجه، ومادّة الاجتماع هي الثقة الفاسق، فإن كان هذا داخلاً في معارضة الآية للدليل الظنّيّ السند، وهو حديث «العمريّ وابنه ثقتان» مثلاً الذي تفرض حجّيّته تعبّداً؛ لكونه داخلاً في القدر المتيقّن من مفاد أخبار الحجّيّة، تقدّمت الآية عليه، فقد سقط دليل الحجّيّة في المقام، وإلّا بأن فرضنا هذا الحديث ـ مثلاً ـ قطعيّ الصدور أو مطمأنّاً بصدوره، فقد تعارضا وتساقطا، والمرجع عندئذ هو أصالة عدم الحجّيّة.

والجواب ـ بعد غضّ النظر عن أنّ كون الاصطلاح الثابت اليوم للفاسق ثابتاً في زمان نزول الآية غير معلوم، فلعلّ المقصود به في الآية لم يكن هو الفاسق بهذا المعنى المصطلح وهو العاصي مثلاً، وإنّما المقصود به في الآية هو الفسق بمعناه اللغويّ وهو الانحراف، وعلى هذا تكون دعوى كون المقصود الظاهر بمناسبة الحكم والموضوع الانحراف فيما حكم بالتبيّن فيه وهو النبأ غير بعيدة ـ: أنّ هذه الآية معلّلة بقوله: ﴿أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة ...﴾، والجهالة فيها إمّا أن نقول بظهورها في الجهالة العمليّة، أي: السفاهة والعمل غير العقلائيّ، أو نقول بظهورها في الجهالة الاعتقاديّة، أي: خلاف العلم، أو نقول بإجمالها بينهما.

فإن قلنا بالأوّل سقطت الآية عن الدلالة؛ إذ التعليل عندئذ يوجب اختصاص الحكم بكلّ خبر كان العمل به غير عقلائيّ ويعدّ سفهيّاً، وخبر الثقة غير العادل إن لم نقل بكون العمل به عقلائيّاً جزماً، فلا أقلّ من أنّنا غير جازمين بسفهيّته في نظر العقلاء ورفضهم للعمل به.

وإن قلنا بالثالث سقطت الآية أيضاً عن الدلالة؛ لأنّ المفروض أنّ كلمة الجهالة مجملة بين احتمالين، وأنّها على أحد الاحتمالين ـ وهو احتمال كون المراد بها السفاهة ـ غير دالّة على المقصود.