المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

604

عليه، فالظنّ هنا غير مستند إلى الوثاقة.

ولكن الصحيح عدم تماميّة هذا الضابط، فإنّه يكفي في استناد الظنّ إلى الوثاقة عرفاً أن يكون سهيماً في استبعاد بعض دواعي الكذب.

النحو الثاني: أن يقال ـ بعد فرض حصول الظنّ في الخبر ـ: إنّه يجب أن نرى أنّ الوثاقة هل كانت مؤثّرة في استبعاد بعض دواعي الكذب، أو لا ؟ فإن كانت مؤثّرة في ذلك ولو ضمناً صحّ إسناد الظنّ إلى الوثاقة حتّى مع فرض علّة اُخرى للاستبعاد كافية ـ لو بقيت وحدها ـ للقطع بعدم ذاك الداعي، وحتّى لو فرض أنّ بعض الدواعي الاُخرى المنصبّ عليها الاحتمال ابتداءً لم يستند استبعادها إلى الوثاقة، وإنّما استبعدت بعامل آخر تماماً.

وإن لم تكن كذلك لم يسند الظنّ إلى الوثاقة.

ومثال القسم الثاني هو: ما لو علمنا بوثاقة شخص لكن علمنا أنّه ابتلى صدفة في زمان إخباره بحالة نفسيّة من انبساط وميل إلى الكذب ـ مثلاً ـ تجعل وثاقته مغلوبة لأيّ داع من دواعي الكذب، وهذا لا ينافي أصل ملكة الوثاقة كما أنّ غلبة بعض الدواعي المهمّة للكذب على الوثاقة لا ينافي أصل ملكة الوثاقة، ولا توجب أيضاً تلك الحالة النادرة وكذا ذاك الداعي المهمّ النادر حصوله قصور الوثاقة ذاتاً عن الرادعيّة عن مثل هذا الكذب، ولذا ترى أنّه يشعر في حين ارتكابه لهذا الكذب بالاشمئزاز الروحي، والتأثّر على ما يصدر منه من الكذب، وهذا هو نتيجة عدم قصور وثاقته ذاتاً عن الردع عن هذا الكذب، وإنّما لم تؤثّر فعلاً في الردع لابتلائها بالمزاحم: من تلك الحالة، أو الداعي المهمّ.

فإذا علمنا أنّ هذا الراوي الثقة ابتلى في حين روايته بتلك الحالة النفسيّة التي تجعل وثاقته مغلوبة لأيّ داع من دواعي الكذب لكنّنا ظننّا مع ذلك بصدق خبره من باب الظنّ بعدم تحقّق داعي الكذب في هذا الخبر في نفسه بقطع النظر عن