المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

603

لما مضى: من أنّ الوثاقة إنّما اُخذت باعتبار ما لها من الكاشفيّة لا بما هي حالة نفسيّة، فإذا كان الظنّ مستنداً إليها كانت لها الكاشفيّة، وإلّا فلو قلنا بالحجّيّة وجعلت الوثاقة شرطاً كانت شرطيّته تعبّداً محضاً، وبما هي حالة نفسيّة. أمّا فرض كون مقياس الحجّيّة مجرّد موثوقيّة الحديث مع إسقاط الوثاقة عن الحساب، فهذا ما سنوضّح بطلانه في بحث مستقلّ عن هذه الجهة إن شاء الله.

يبقى الكلام في تشخيص الضابط بين القسمين، أعني: الظنّ المستند إلى الوثاقة، والظنّ الغير مستند إليها، والضابط لذلك يمكن بيانه بنحوين:

النحو الأوّل: أن يقال ـ بعد فرض حصول الظنّ من الخبر ـ: إنّ كلّ داع من دواعي الكذب يكون الاحتمال منصبّاً عليه ابتداءً لابدّ أن يفترض أنّ الوثاقة لها دخل في الظنّ بعدم تأثير هذا الداعي عن طريق غلبتها على بعض حصص الداعي المحتمل، وإلّا فالظنّ الناشئ من الخبر ليس مستنداً إلى الوثاقة.

إذن فلو استبعدنا داعياً من دواعي الكذب عن غير طريق الجزم بغلبة وثاقة الراوي عليه يجب أن نرى أنّ الاحتمال هل انصبّ على هذا الداعي ابتداءً، أو انصبّ ابتداءً على الجامع بينه وبين داع آخر أو دواعي عديدة، لعدم احتمال اجتماع تلك الدواعي، إمّا للتضادّ فيما بينها، أو لاستبعاد اجتماعها على حدّ استبعاد اجتماع الصدف المتماثلة استبعاداً قطعيّاً أو اطمئنانيّاً ؟ فإن كان الاحتمال منصبّاً على الجامع، وفرضنا غلبة الوثاقة على بعض حصص الجامع كفى ذلك في استناد الظنّ إلى الوثاقة، ولو كان استبعاد الحصص الاُخرى عن غير طريق الجزم بغلبة الوثاقة عليها.

وإن كان الاحتمال منصبّاً على نفس ذاك الداعي ولم نجزم بغلبة الوثاقة عليه، أو كان الاحتمال منصبّاً على الجامع ولم نجزم بغلبة الوثاقة على بعض حصصه، ولكن مع ذلك ظننّا بصدق الخبر؛ للظنّ بعدم داعي الكذب، أو للظنّ بغلبة الوثاقة