المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

600

بل كانت قائمة على أساس علم الأخلاق، وكان يبني علم الأخلاق على أساس المصلحة والمفسدة لا على أساس الحسن والقبح، ففي المورد الذي يعتقد هذا الشخص عدم المفسدة في الكذب لا يكون في نفسه تحرّج عن الكذب. أو كانت وثاقته قائمة على أساس الدين وحرمة الكذب، لكنّه كان يرى أنّ الكذب في جعل المعجز للنبيّ(صلى الله عليه وآله)، أو الأئمّة(عليهم السلام)، ونقل فضائلهم ومصائبهم ـ مثلاً ـ ليس حراماً؛ لأنّه ترويج للدين، والكذب في ترويج الدين غير حرام، من قبيل ما عن بعض العامّة: من أنّه إنّما يحرم الكذب على النبيّ(صلى الله عليه وآله) لا الكذب له، ونحن ننقل المعاجز له كذباً، وهو كذب له لا عليه، فلا يشمله قوله: «من كذب عليّ فليتبوّء مقعده من النار».

ومهما احتملنا في مورد مّا خروجه عن دائرة وثاقة الراوي للضيق فيها، لم يكن خبره فيه حجّة حتّى لو قيل بأنّ الوثاقة بما هي حالة نفسيّة موضوع للحجّيّة لا بما هي مورثة للوثوق بالرواية والكشف الفعليّ. (ومقصودنا بالكشف الفعليّ هنا عدم انتفاء كشف الوثاقة من ناحية المزاحم الداخليّ، أعني: داعي الكذب. وأمّا انتفاؤه من ناحية تأثير المزاحم الخارجيّ ووجود أمارة معارضة، فهذا ما سوف نبحثه مستقلاًّ عن هذه الجهة إن شاء الله ).

والوجه فيما قلناه: من عدم الحجّيّة في المقام حتّى على مبنى الاكتفاء بالوثاقة بمعنى الحالة النفسيّة واضح؛ لأنّ أصل الوثاقة في هذا المورد غير محرزة بحسب الفرض.

وأمّا الضيق في اقتضاء الوثاقة، فمقصودنا منه: أن يفرض أنّ الحالة النفسيّة الثابتة لهذا الشخص ليست عبارة عمّا يوجب التحرّز عن أصل الكذب، وإنّما له حالة التحرّج عن تكرّر الكذب وتكثّره على اختلاف درجات ذلك. ولا يبعد أن يقال: إنّ مَن لا يتحرّج عن أصل الكذب لا يصدق عليه عرفاً ثقة، أو ـ على