المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

597

من دون سؤال أصلاً؛ إذ لئن لم يكن الارتكاز العقلائيّ لهم على الحجّيّة فلا أقلّ من الميل، وإلّا فلا أقلّ من تحيّرهم واحتمالهم للحجّيّة، فإنّ حجّيّتها ليست ممّا يخالفه الارتكاز والطبع العقلائيّ. ولا نحتمل أيضاً أنّهم سألوا فاُجيبوا بالنفي، ولم يصلنا النفي بالرغم من توفّر الدواعي في مثل ذلك إلى السؤال والجواب والنقل. ويؤيّد المقصود أنّه بدلاً عن أن يصلنا النفي وصلنا الإثبات في بعض الروايات، وتؤيّده أيضاً القرائن الكثيرة الدالّة على ارتكاز موضوعيّة عنوان وثاقة الراوي للحجّيّة في أذهان أصحاب الأئمّة وفقهائنا المتقدّمين ـ رضوان الله عليهم ـ إلى زمان الشيخ الطوسيّ(قدس سره)، وتلك القرائن كثيرة جدّاً، منها ما يلي:

1 ـ قوله: «أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني ؟» فإنّه يدلّ على مركوزيّة حجّيّة خبر الثقة بما هو خبر الثقة في ذهنه.

2 ـ كلام الشيخ(قدس سره) في العدّة: أنّي وجدت الطائفة مجمعة على العمل بهذه الأخبار (يعني غير المحفوفة بقرينة تفيد العلم) حتّى أنّ واحداً منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوا من أين قلت ؟ فإذا أحالهم إلى كتاب معروف، وأصل مشهور، وكان راويه ثقة لا ينكرون حديثه سلّموا الأمر في ذلك، وهذه عادتهم من عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ومن بعده من الأئمّة إلى زمان الصادق الذي انتشر عنه العلم، وكثرت الرواية من جهته.

3 ـ قال النجاشيّ(رحمه الله) في محمّد بن أحمد بن يحيى: وكان محمّد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمّد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمّد بن موسى الهمدانيّ، وعدّ نيّفاً وعشرين رجلاً ثُمّ قال: قال أبو العبّاس ابن نوح: وقد أصاب شيخنا أبو جعفر في ذلك كلّه، وتبعه أبو جعفر ابن بابويه على ذلك إلّا في محمّد بن عيسى بن عبيد، فلا أدري ما رأيه فيه؛ لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة.