المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

596

حجّيّة خبر الثقة. فإنّ ظاهره كون المقياس هو كون الراوي مرضيّاً من دون إضافة قيد آخر.

أمّا السيرة: فللتمسّك بها هنا تقريبان:

التقريب الأوّل: أنّنا لو فرضنا عدم قطعيّة السنّة الدالّة على حجّيّة خبر الواحد، وكان دليلنا القطعيّ عبارة عن السيرة، فلا إشكال في أنّ حديث عبدالله بن جعفر الحميريّ الذي ورد فيه قوله: «العمريّ وابنه ثقتان ...» داخل في القدر المتيقّن من السيرة، ولو مع فرض الشكّ في موضوع الحجّيّة الثابتة بالسيرة، وأنّه هل هو وثاقة الراوي وحدها، أو لا ؟ فإنّ هذا الحديث شامل لكلّ ما يحتمل دخله في حجّيّة الخبر، من وثاقة الراوي، وعمل الأصحاب، وذكره في الكتب المعتبرة، واعتمادهم عليه، ونحو ذلك، فإنّ القرائن التي تذكر في الفقه لصحّة الخبر عبارة عن هذه الاُمور، وهذه مجتمعة في هذا الحديث، ولو فرض لزوم التعويل على قرينة اُخرى لزم عدم حجّيّة خبر في الفقه، وإذا ثبتت حجّيّة هذا الحديث بالسيرة تمسّكنا بظهوره. وقد عرفت ظهوره في موضوعيّة وثاقة الراوي وحدها للحجّيّة بما هي وثاقة للراوي، أو بما هي مورثة لموثوقيّة الرواية.

التقريب الثاني: أنّ الأخبار الواردة عن الثقة من دون الاحتفاف بقرينة معاضدة كانت موجودة في ضمن أخبار أصحابنا لا محالة، وكانت ممّا يعمّ بها الابتلاء، فلا يخلو الأمر من أربعة فروض:

إمّا أنّهم كانوا يعملون بها من دون سؤال.

أو أنّهم سألوا الإمام عن حجّيّتها، فاُجيبوا بالإثبات فعملوا بها.

أو أنّهم سألوا فاُجيبوا بالنفي فتركوا العمل بها.

أو أنّهم تركوا العمل بها من دون سؤال.

والأوّلان لا يفيدان المطلوب، والأخيران باطلان، فإنّنا لا نحتمل تركهم للعمل