المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

593


الوجه الرابع: أن يقال في كلّ رواية من الروايات الماضية: إنّ العرف يلغي فيها خصوصيّة المورد، ويستفيد منها قاعدة عامّة، وهي: عدم حجّيّة خبر الثقة في الموضوعات، أو ـ على الأقلّ ـ في غير الموضوعات الفرديّة البحتة.

إلّا أنّ هذا لو تمّ فقد يقال: إنّه إنّما يفيد بمقدار إيجاد احتمال الردع، ولا يفيد لإسقاط السيرة لو فرض تماميّة إمضائها في صدر الشريعة، ولا لتقييد إطلاقات الحجّيّة لو شملت الخبر في الموضوعات، وذلك بدعوى أنّه كما وردت أخبار خاصّة في موارد خاصّة من الموضوعات تدلّ على عدم حجّيّة خبر الواحد فيها، كذلك وردت أخبار اُخرى في موارد اُخرى من الموضوعات تدلّ على حجّيّة الواحد فيها، فلو انتزع العرف من الأوّل قاعدة عامّة تقتضي عدم الحجّيّة في مطلق الموضوعات كذلك ينتزع من الثاني قاعدة عامّة تقتضي الحجّيّة فيها، وهما يتعارضان.

وقد جمع اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في المجلّد الثاني من البحوث روايات كثيرة قد يستدلّ بها على حجّيّة خبر الثقة في الموضوعات، وناقش هو(رحمه الله) في دلالة أكثرها ولم يقبل عدا دلالة حديثين منها، ونحن هنا نقتصر على ذكر هذين الحديثين، أمّا باقي الأحاديث التي ذكرها فمن الواضح بالمراجعة عدم تماميّة دلالتها:

الأوّل: ما ورد بسند تامّ عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله(عليه السلام) في رجل وكّل آخر على وكالة في أمر من الاُمور، وأشهد له من ذلك شاهدين، فقام الوكيل، وخرج لإمضاء الأمر، فقال: اشهدوا أنّي قد عزلت فلاناً من الوكالة، فقال: إن كان الوكيل أمضى الأمر الذي وكّل فيه قبل أن يعزل فإنّ الأمر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل كره الموكّل أم رضي. قلت: فإنّ الوكيل أمضى الأمر قبل أن يعلم (أن يعزل خ ل) العزل، أو يبلغه أنّه قد عزل عن الوكالة، فالأمر على ما أمضاه ؟ قال: نعم. قلت له: فإن بلغه العزل قبل أن يمضى الأمر ثُمّ