المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

373

بالعموم من وجه، وإن كان قد نصّ فقط على مخالفة الكتاب، لكنّا نفهم أنّ ذلك بنكتة قطعيّة الكتاب، فلا فرق في ذلك بين الكتاب والسنّة القطعيّة.

إن قلت: إنّ الردع ثابت من الطرفين، فرواية ابن أبي يعفور تردع عمّا يأمر بطرح ما يخالف الكتاب والسنّة؛ إذ لا شاهد له من الكتاب والسنّة، وما يأمر بطرح ما يخالف الكتاب والسنّة يردع عن رواية ابن أبي يعفور المخالفة للكتاب والسنّة الدالّين على حجّيّة خبر الواحد.

قلت: أوّلاً: يكفينا الترادع من الطرفين والتساقط؛ إذ نرجع بعد ذلك إلى الكتاب والسنّة القطعيّة الدالّين على حجّيّة خبر الواحد.

وثانياً: إنّ رواية ابن أبي يعفور لا تردع عن الأخذ بما يأمر بطرح ما خالف الكتاب والسنّة، فإنّ تلك الرواية إن كانت صادرة من الإمام، فما يأمر بطرح ما خالف الكتاب والسنّة قد وافق السنّة، فإنّ تلك الرواية تدلّ على عدم حجّيّة غير الموافق، وهذا يدلّ على عدم حجّيّة المخالف، والمخالف قسم من غير الموافق وداخل فيه.

وإن لم تكن صادرة عن الإمام، فدليل حجّيّة خبر الواحد ثابت على حاله، ولا إشكال عليه من ناحية هذه الرواية(1).

وثالثاً: إنّ الترادع يكون بين إطلاق رواية ابن أبي يعفور ونفس الحديث الدالّ على طرح ما خالف الكتاب والسنّة. وإطلاق الأوّل مبتلى بالمعارض، وهو أدلّة حجّيّة الخبر، فلا يفيد ردعه.

الجواب الثالث: أنّنا لو قطعنا النظر عمّا دلّ على عدم حجّيّة المخالف للكتاب


(1) هذا الجواب مبنيّ على تفسير رواية ابن أبي يعفور بالردع عمّا لا يوافق الكتاب. أمّا لو فسّرت بالردع عن مطلق خبر الواحد فلا مجال لهذا الجواب.