المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

371

الجواب الثاني: أنّنا لو سلّمنا عدم شمول هذا الحديث لنفسه، قلنا: إنّه تقع المعارضة بين هذا الحديث وبين الكتاب والسنّة القطعيّة بالعموم من وجه:

أمّا معارضته للكتاب بالعموم من وجه، فبناءً على فرض تماميّة دلالة آية النفر على حجّيّة خبر الواحد، فإنّ دلالتها على ذلك تكون بإطلاقها الدالّ على وجوب الحذر سواء حصل العلم أو لا، ففرض حصول العلم مادّة للافتراق للآية، وفرض ورود خبر في الأحكام لم يحصل العلم به ولا يوافق الكتاب(1) مادّة للاجتماع، والخبر الذي ورد في غير الأحكام من قبيل اُصول الدين، أو كتاب السماء والعالم، ونحو ذلك، ولم يوافق الكتاب، ولم يحصل العلم به مادّة للافتراق لهذا الحديث؛ لأنّ الآية تختصّ بباب الأحكام، بينما هذا الحديث ينفي حجّيّة الخبر غير الموافق للكتاب في باب الأحكام بالإطلاق، وليس صريحاً في خصوص باب الأحكام وتشخيص الوظيفة العمليّة، فإنّ الجزاء في قوله: «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله، أو من قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)» محذوف، ولا شاهد على كون المحذوف مثل (فاعملوا به في صلاتكم وصومكم)، بل المناسب والقدر المتيقّن من الجزاء هو (فاقبلوه)، أي: انسبوا مفاده إلى الدين. ولم نذكر هنا آية النبأ، واقتصرنا على آية النفر؛ لأنّ آية النبأ غير مختصّة بباب الأحكام.

 


المزيّة ينتفي في المقام؛ إذ كما هو مقرّب للكتاب كذلك ما وافق الكتاب مقرّب للكتاب. وعلى أيّ حال، فلو تمّ كلّ هذا فإنّما هو في إطار التتميم الأوّل للإشكال، فيفترض أنّ هذا التتميم إنّما يتمّ في المفارقة الاُولى دون الثانية، ولكن يبقى أنّ التتميم الثاني يتمّ في كلتا المفارقتين اللتين هما في روحهما شقّان لمفارقة واحدة.

(1) قيد عدم موافقة الكتاب ذكره مبنيّ على كون الرواية رادعة عمّا لا يوافق الكتاب، لا عن خبر الواحد بشكل مطلق.