المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

364

إلّا أن يلتزم بتأويل أحد العنوانين، بأن تحمل الموافقة على عدم المخالفة أوالمخالفة على عدم الموافقة.

ومنها: أنّ ظاهر قوله: «ما وافق كتاب الله فخذوه» أنّ الأمر بالأخذ هنا أمر مولويّ في مقام جعل الحجّيّة. ولو كان المراد بالموافق الموافق لشخص آية معيّنة، لم يظهر لجعل الحجّيّة له أثر إلّا في فروض نادرة؛ إذ تكفينا تلك الآية. وهذا بخلاف ما إذا كان المقصود الموافقة للمزاج العامّ للكتاب، فزكاة التجارة ـ مثلاً ـ موافقة للمزاج العامّ للكتاب، لكنّها مع ذلك بحاجة إلى حجّيّة الخبر الدالّ عليها؛ لعدم دلالة آية عليها.

ومنها: ما ورد في بعض روايات الباب(1) من أنّه إن وجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به، فإنّ ظاهر ذلك: أنّ وجود شاهد ثان يوجب التأكيد في ملاك الأخذ مع أنّه لو كان المقصود الموافقة بمعنى دلالة آية على مفاده، لم تكن دلالة آية ثانية عليه موجباً لتأكيد ملاك الأخذ، كما هو واضح، وهذا بخلاف ما لو كان المراد الموافقة للمزاج العامّ، فإنّه كلّما كانت المناسبة مع عدد أكبر من المسلّمات وعدد أكثر من الأذواق المستكشفة للشريعة الإسلاميّة يكون ملاك الأخذ عندئذ أقوى لا محالة.

ومنها: أنّ قسماً من تلك الأخبار يدلّ على نفي صدور ما لا يوافق الكتاب منهم(عليهم السلام) واستنكار ذلك، لا مجرّد نفي الحجّيّة(2)، بينما من الواضح أنّ ورود ما لا يوافق نصّاً خاصّاً من الكتاب ليس بعيداً عن شأنهم، بل هو من شأنهم. ومن المعلوم لدى المسلمين جميعاً أنّ القرآن الكريم لا يحتوي على تمام أحكام الشريعة بلا خلاف في ذلك بين الشيعة والعامّة، فنحن نأخذ بقيّة الأحكام عن


(1) راجع المصدر السابق، ح 18.

(2) راجع المصدر السابق، ح 12 و 14 و 40.