المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

308

يحتاج إلى مدرك خاصّ، فعندئذ يحصل الجزم بوجود مدرك لم يصلنا، وهذا المدرك إن كان هو دليلاً لفظيّاً لدوّنوه حتماً في مقام الاستدلال أو في مقام جمع الأحاديث، إذن فالمدرك ليس هو دليلاً لفظيّاً من هذا القبيل، بل هو ارتكاز عامّ في الطبقة التي كانت فوقهم من أصحاب الأئمّة(عليهم السلام)، وهذا الارتكاز يكشف بصورة إجماليّة عن جامع السنّة، أعني: قول المعصوم وفعله وتقريره.

والارتكاز المذكور شيء قريب من الحسّ لو لم يكن حسّيّاً، والخطأ فيه غير محتمل عادةً(1)، فيحصل بذلك القطع بالحكم الشرعيّ لكن ضمن شروط وتحفّظات يجب أخذها بعين الاعتبار.

وهناك إشكالات قد تتّجه إلى حجّيّة الإجماع نذكر منها ما يلي:

الإشكال الأوّل: أنّ فقهاء عصر الغيبة كانوا محرومين من مصاحبة الإمام، فليس إجماعهم كاشفاً عن رأي المعصوم.

والجواب: أنّنا نمتلك وسيطاً بين إجماع الفقهاء الأقدمين ورأي المعصوم، وهو الارتكاز لدى الرواة والأصحاب من المعاصرين للأئمّة(عليهم السلام)بالبيان الذي مضى.

الإشكال الثاني: ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) من أنّ غاية ما يمكن أن يقال في تقريب حجّيّة الإجماع: أنّه من الغريب افتراض إفتائهم بلا رواية، إذن فقد عرفوا رواية تامّة لم تصلنا، ولكن توجد في قبال ذلك غرابة اُخرى، وهي أنّه لماذا لا نرى تلك الرواية في مدوّناتهم؟ على أنّه لا ضمان لنا لافتراض أنّ ما تمّ عندهم من حديث سنداً ودلالة يتمّ عندنا أيضاً سنداً ودلالة لو وصلنا.


(1) يحتمل أن يكون المقصود بذلك أنّ الارتكاز قائم على أساس الحسّ، كما يحتمل أن يكون المقصود به أنّ الإجماع قائم على أساس الإحساس بالارتكاز، وكلاهما صحيح.