المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

306

فقيه وقتئذ يخالف الرأي الذي وصلنا من ذاك العصر إلّا في الضروريّات وما يتلو تلوها، فكم من فقيه لم يكتب فتواه، وكم ممّن كتب فتواه لم يصل كتابه إلينا. وغاية الأمر أن نفترض أنّ أقوال العلماء الذين وصلت إلينا أقوالهم أورثت لنا القطع بأنّ العلماء الآخرين الذين كانوا واقعين في خطّهم والتلامذة الذين تربّوا على أيديهم أيضاً كانوا يرتأون نفس الرأي، ولكن كيف نعرف آراء الآخرين الذين كانوا معاصرين لأساتذتهم وكانت لهم تحقيقات وأتباع إلّا أنّهم انقرضوا وانتهت مدرستهم وبقي هذا الخط العامّ؟! مثل ما وقع في الزمان القريب، حيث كان الشيخ هادي الطهرانيّ في عصر المحقّق الخراسانيّ والسيّد محمّد كاظم اليزديّ، وكانت له آراء وطلاّب ولكن انقرضت مدرسته وبقي هذا الخطّ الموجود الآن.

ولكن لا يخفى أنّنا لا نؤمن بالإجماع بما هو إجماع على أساس بعض المباني القديمة من الإجماع الدخوليّ أو اللطفيّ كي يقال: من المحتمل كون مَن لم نعرف رأيه هو الإمام، أو من المحتمل كون مَن لم نعرف رأيه مخالفاً لهذا القول، فلم يلزم الإجماع على الخطأ، وإنّما نؤمن بالإجماع على أساس حساب الاحتمالات واستبعاد اشتباه الجميع، فقد يحصل العلم من نفس آراء الجماعة الذين وصلت إلينا آراؤهم(1).

ثمّ إنّنا لو اكتشفنا مدرك الإجماع بتصريحهم بذلك، أو بأيّ طريق آخر: فإن كان المدرك تامّاً عندنا، كفى لنا مدركاً للحكم، وإن كان فاسداً عندنا، فمعنى ذلك


(1) أفاد (رضوان الله عليه) فيما لم أحضره في الدورة الأخيرة ـ على ما نقل عنه ـ: أنّه بما ذكرنا يظهر أنّه قد يتمّ الإجماع حتّى في مورد الخلاف فيما إذا كان المخالف نوع شخص لا يطعن بحساب الاحتمالات، بخلاف ما إذا كان المخالف ممّن هو في صميم المرتكزات الشرعيّة والمتشرّعيّة، كالمفيد والصدوق ونحوهما.