المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

22

الحكم الواقعيّ حتّى بالعلم؛ إذ لا قيمة للعلم بصرف الإنشاء والاعتبار، بينما لا إشكال في تنجّزه بالعلم، وإنّما المقصود بإنشائيّة الحكم الواقعيّ هو عدم فعليّته من ناحية الشكّ فقط، أي: أنّ كلّ الاُمور الدخيلة في فعليّة الحكم ثابتة عدا العلم بهذا الإنشاء، فالعلم به هو أحد الاُمور الدخيلة في فعليّة الحكم، وهو منتف بحسب الفرض. فالحكم الواقعيّ فعليّ من غير ناحية الشكّ، ويكون العلم به موضوعاً للفعليّة الكاملة، فإذا علم به وجب عليه امتثاله، وإذا لم يعلم به جاء الحكم الظاهريّ وكان هو الفعليّ بشأنه، ولا ينافيه الحكم الواقعيّ؛ لأنّه ليس فعليّاً من جميع الجهات.

وأورد المحقّق النائينيّ(رحمه الله) على هذا الوجه بأنّ التفكيك بين مرتبة الإنشاء والفعليّة في المقام غير معقول، فمرتبة الإنشاء عبارة عن مرتبة الجعل والاعتبار الثابتة بمجرّد إصدار الحكم، كقوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾، ومرتبة الفعليّة إنّما تتحقّق بتحقّق الموضوع وهو الاستطاعة في مثال الحجّ مثلاً، وهذه هي فعليّة المجعول والمعتبر. والخلاصة: إنّ الحكم بنحو القضيّة الحقيقيّة ما لم يوجد موضوعه خارجاً يكون في مرحلة الإنشاء والجعل، فإذا انطبق خارجاً على موضوعه صار فعليّاً، وإذا وقع الشكّ في حكم من الأحكام، فإن فرض العلم وعدم الشكّ جزءاً لموضوع هذا الحكم، إذن فهذا الإنسان الشاكّ خارج عن موضوع هذا الحكم، ولا يوجد بشأنه حكم فعليّ ولا إنشائيّ. وإن فرض عدم كون ذلك جزءاً للموضوع إذن الحكم بشأنه فعليّ، فالتفكيك بين المرتبتين بلحاظ ما نحن بصدده أمر غير معقول.

وهذا الإيراد من المحقّق النائينيّ(رحمه الله) على المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) خلط بين مصطلحات المحقّق الخراسانيّ ومصطلحات المحقّق النائيني، وتحميل لمصطلحات المحقّق النائينيّ(رحمه الله)على عبارة المحقّق الخراسانيّ.

فليس مقصود المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) من مرتبتي الإنشاء والفعليّة هما مرتبتا