المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

179

ـ على ما شرحه شرّاح هذه النظريّة ـ: أنّ مَن قصد إفهامه لا يحتمل وجود قرينة متّصلة لم يلتفت إليها إلّا من باب الغفلة، وهذا ينفى بأصالة عدم القرينة؛ لأنّ الغفلة على خلاف الطبع العقلائيّ، وينقّح بذلك موضوع الظهور التصديقيّ، فيتمسّك بأصالة الظهور. أمّا مَن لم يقصد إفهامه فيحتمل وجود قرينة متّصلة بين المتخاطبين لم يلتفت هو إليها رغم عدم الغفلة، فإنّ من المعقول أن ينصب شخصان متخاطبان قرينة يختصّان بعلمها، ولا يلتفت إليها الشخص الثالث الذي لم يكن مقصوداً بالإفهام، فلا تجري بشأنه أصالة عدم القرينة كي يحرز موضوع أصالة الظهور.

وقد أجاب على ذلك أكثر الاُصوليّين ـ كالمحقّق النائينيّ(رحمه الله) والسيّد الاُستاذ ـ بأنّ أصالة عدم القرينة أصل عقلائيّ مستقلّ في قبال أصالة عدم الغفلة، فيُجريها غير المقصود بالإفهام كما يُجريها المقصود بالإفهام على حدّ سواء.

وقد انقدح بطلان هذا الكلام ممّا سبق، فإنّ الأصل العقلائيّ إنّما يكون حجّة عند العقلاء من باب الكاشفيّة النوعيّة لا التعبّد الصرف، وأصالة عدم القرينة لا كاشفيّة لها إلّا من ناحية أصالة عدم الغفلة، فلو احتملت القرينة المتّصلة من ناحية ثقل سمع السامع، أو تمزّق جزء من مكتوب المولى لم تجر أصالة عدم القرينة.

والتحقيق ـ رغم ما ذكرناه ـ: هو بطلان التفصيل بين مَن قصد إفهامه ومَن لم يقصد، ولنفسّر الآن ذلك بمعنى المخاطب وغير المخاطب فنقول: إنّ مناشئ الشكّ لغير المخاطب في مراد المتكلّم واحتمال إرادته لخلاف الظاهر التي لا توجب انثلام الحجّيّة بالنسبة للمخاطب منحصرة في خمسة، ولا يصلح شيء منها ملاكاً للتفصيل بين المخاطب وغير المخاطب بحجّيّة الظهور في شأن الأوّل دون الثاني، وبهذا يبطل التفصيل:

المنشأ الأوّل: احتمال إخلال المتكلّم بذكر القرينة ولو منفصلاً، كما لو قطع بعدم