المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

16

هذا. وجاء في الدراسات: إنّ إشكالات المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) إنّما ترد على الشيخ لو كان مراده دعوى أصالة الإمكان مطلقاً، لكن من المحتمل أو المطمئنّ به أنّ مراده دعوى أصالة الإمكان عند ما تقوم أمارة ظنّيّة معتبرة على الحكم الظاهريّ، كما إذا دلّ ظاهر كلام المولى على جعل حكم ظاهريّ، فإنّه لا إشكال عندئذ في أنّ العقلاء يأخذون بهذا الظاهر، ولا يرفعون اليد عنه بمجرّد احتمال الاستحالة. وهذا كلام صحيح، فوزان ما نحن فيه وزان ما إذا قال المولى مثلاً: (أكرم العلماء) واحتملنا عدم وجود الملاك في إكرام العالم الفاسق المساوق لاحتمال استحالة وجوب إكرامه. ومن الواضح أنّ العقلاء يأخذون بمدلول هذا الكلام حتّى بالنسبة للعالم الفاسق، ولا يعتنون باحتمال الاستحالة.

أقول: لعلّ هذا من سهو القلم؛ لأنّه لايعقل جعل البحث في خصوص فرض قيام الأمارة الظنّيّة المعتبرة على الحكم الظاهريّ؛ إذ ننقل الكلام عندئذ إلى تلك الأمارة الظنّيّة ونقول: هل ثبتت حجّيّتها بالقطع أو الظنّ، وهكذا إلى أن يتسلسل أو ينتهي الأمر إلى القطع بالحجّيّة. وإذا قطعنا بالحجّيّة فقد قطعنا بتحقّق الحكم الظاهريّ.

وقياس ما نحن فيه بمثال الأمر بإكرام العلماء في غير محلّه؛ إذ في هذا المثال إنّما فرض الشكّ في إمكان مدلول الدليل، لا في حجّيّة الدليل التي هي مدلول دليل آخر، والمفروض الفراغ عن إمكانها ووقوعها وثبوت المصلحة في جعل الظهور حجّة وطريقاً إلى مقاصد المولى، بينما فيما نحن فيه تكون نكتة الشكّ في إمكان مدلول الدليل سارية إلى حجّيّته التي هي مدلول دليل آخر؛ لأنّ حجّيّة هذا الدليل بنفسها حكم ظاهريّ شككنا في إمكانه.

أمّا التحقيق في المقام ـ بغضّ النظر عمّا أفاده الأعلام ـ فهو: أنّ بإمكاننا دعوى أصالة الإمكان بنحو تسلم عن جميع تلك الإشكالات.