المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

487

وتوضيح الفرق: أنّه في باب قصد القربة كما لا يتصوّر قبل الأمر صدور الفعل بداعي القربة ـ بحسب الفرض ـ كذلك لا يتصوّر صدوره لابداع آخر غير داعي القربة؛ لأنّ هذا مساوق لصدور الفعل بلا داع، وهذا غير معقول في الأفعال الاختياريّة، ولكن يصحّ نظير هذا الكلام فيما نحن فيه؛ وذلك بأن يؤخذ في متعلّق الأمر قيد عدم الامتثال الإجمالىّ بدلاً من أخذ قيد الامتثال التفصيلىّ، فيكون الواجب هي الصلاة المقيّدة بعدم كون الإتيان بها بقصد الامتثال الإجمالىّ، وهذا ممكن قبل الأمر. وفائدة هذا القيد هي: انتفاء ما يقابله بحسب الخارج؛ إذ بعد هذا القيد يصبح الامتثال الإجمالىّ مستحيلاً، فالتقييد في بعض الموارد يفيد رفع الحكم عن الفرد الفاقد للقيد، كما في أكرم الرجل العالم، وفي بعض الموارد يفيد إعدام ذاك الفرد في الخارج، كما فيما نحن فيه، وكما فيما مضى في باب أخذ العلم بالحكم مانعاً عن الحكم.

وأمّا الوجه الثالث: وهو دعوى وجوب الامتثال التفصيلىّ عقلاً، فتارة يقصد بذلك دعوى اقتضاء نفس التكليف لذلك باعتباره مقتضيّاً للامتثال، واُخرى يقصد به دعوى حكم العقل بحقّ مستقلّ للمولى غير حقّ الامتثال:

أمّا الأوّل: فيرد عليه: أنّه بعد فرض عدم دخل تفصيليّة الامتثال في خطاب المولى ولا في غرضه، لا معنىً لاقتضاء التكليف لها اقتضاءً امتثاليّاً بحكم العقل. وقد مضى توضيح ذلك في باب الموافقة الالتزاميّة، ونقول هنا ـ أيضاً ـ: إنّ للتكليف اقتضاءين للامتثال:

أحدهما: الاقتضاء الذاتىّ، وهو: اقتضاؤه له بمقدار رغبة العبد في نفسه لتحصيل أغراض المولى بغضّ النظر عن حكم العقل العملىّ بوجوب الطاعة. وهذا الاقتضاء ثابت في التماس العبد من المولى أيضاً، فالالتماس له محرّكيّة ذاتيّة للمولى بقدر ما في نفس المولى من الرغبة في تحصيل أغراض عبده. ومن الواضح: أنّ هذا الاقتضاء غير معقول فيما نحن فيه؛ إذ المفروض عدم تعلّق غرض المولى بتفصيليّة الامتثال، فرغبة العبد لتحصيل أغراض المولى لا أثر لها في المقام.

وثانيهما: الاقتضاء العرضىّ الثابت بحكم العقل الذي هو عبارة عن دركه لوجوب تحصيل غرض المولى الذي يهتمّ به. وهذا في الحقيقة متمّم للاقتضاء الذاتىّ. فالعبد إن