المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

44

بما فعل، فرأيت وجه اُستاذنا قد تغيّر حيرة في كيفية دفع هذا المبلغ اليسير، إلّا أنّ المرحوم السيّد عبدالغنيّ(رحمه الله) لم ينتبه إلى ذلك، وعلى أىّ حال، فقد التزم اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)بدفع المبلغ. ولاأعرف كيف كان يؤمّن ما عليه، إلّا أ نّني كنت أعلم أنّه كان يدفع كلّ شهر دينارين إلى السيّد عبدالغنيّ(رحمه الله)؛ كي يدفعهما إلى صاحبه أداءً للدين.

9 ـ تربيته لأطفاله، كان يقول(رحمه الله): إنّ تربية الطفل بحاجة إلى شيء من الحزم والخشونة من ناحية، وإلى اللين والنعومة وإبراز العواطف من ناحية اُخرى. وقد تعارف عندنا في العوائل أنّ الأب يقوم بالدور الأوّل، والاُمّ تقوم بالدور الثاني. قال(رحمه الله): ولكنّني اتّفقت مع (اُمِّ مرام) على عكس ذلك، فطلبت منها أن تقوم بدور الحزم والخشونة مع الأطفال لدى الحاجة؛ كي أتمحّض أنا معهم في اُسلوب العواطف، واللّين، وإبراز الحبّ والحنان؛ والسبب في ذلك أنّه كان يرى نفسه أقدر على تربية أطفاله على العادات والمفاهيم الإسلاميّة، فكان يريد للأطفال أن لايروا فيه عدا ظاهرة الحبّ والحنان؛ كي يقوى تأثير ما يبثّه في نفوسهم من القيم والأفكار، فلابدّ للتربية من خشونة وصلابة عن طريق الاُمّ حيث تقتضي ذلك.

كان يقول(رحمه الله): إنّي نفثت في نفس ابنتي مرام ـ وكانت وقتئذ طفلة صغيرة ـ الحقد على الصهاينة، قال: قد صادف أن حدّثتها ذات يوم عن ظلمهم للمسلمين من قتل، أو قصف، فبان عليها انكسار الخاطر، وتكدّر العيش، فأردفت ذلك بذكر قِصّة اُخرى من حكايات قصف المسلمين لإسرائيل، فاهتزّت فرحاً، وضحكت، واستبشرت لتلك القِصّة.

وكثيراً ما كان يصل إليه(رحمه الله) من الحقوق الشرعيّة ما يصل عادة إلى يد المراجع، ولكنّه(رحمه الله)قال: إنّي فهّمت ابنتي مرام أنّ هذه الأموال الموجودة لدينا ليست ملكاً لنا، فكانت هذه الطفلة البريئة تقول أحياناً: إنّ لدى والدي الأموال الكثيرة، ولكنّها ليست له؛ ذلك لكي لاتتربّى على توقّع الصرف الكثير في البيت، بل تتربّى على القناعة، وعدم النظر إلى هذه الأموال كأملاك شخصيّة.

10 ـ في الفترة التي عيّنت حكومة البعث الغاشم ستّة أيّام لتسفير الإيرانيين بما فيهم طلّاب الحوزة العلميّة من النجف إلى إيران رأيت أحد طلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف مودّعاً لاُستاذنا الشهيد(قدس سره)، فرأيت الاُستاذ يبكي في حالة وداعه إيّاه بكاء