المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

412

إلى الموادّ الأوّليّة الثابتة في صدر الصفحة، وهي البديهيّات التي كانت مضمونة الصحّة بالذات.

وتوجيه إشكال الأخباريّين على ذلك يمكن أن يكون بأحد وجهين:

1 ـ أن يقال: إنّ نفس القانون المنطقىّ حكم عقلىّ يحتاج إلى عاصم له من الخطأ؛ إذ ليس هو من الأحكام الأوّليّة التي أدركها الإنسان منذ خلق، وإنّما اخترعه أرسطو بعد مضيّ آلاف الدهور من عمر الإنسان.

2 ـ أن يقال: إنّ نفس القانون المنطقىّ حقّ، ومراعاته في التطبيق تعصم من الخطأ، ولكنّنا بحاجة إلى عاصم آخر يعصمنا من الخطأ في نفس التطبيق، ولا تعقل عاصميّة نفس القانون لتطبيقه من الخطأ؛ إذ لا يعقل وجوده في رتبة تطبيقه.

ولابدّ لنا من تعمّق أكثر؛ كي نعرف حقيقة الحال. ولتوضيح ما هو التحقيق نتكلّم في جهتين:

إحداهما: في تحقيق الحال بالنسبة إلى القضايا البديهيّة.

والثانية: في تحقيق الحال بالنسبة إلى القضايا المكتسبة.

 

القضايا البديهيّة

أمّا الجهة الاُولى: فقد مضى أنّ اليقينيّات في نظر منطق أرسطو عبارة عن القضايا الستّ، إلّا أنّ لنا كلاماً في ضمان حقّانيّة بعض تلك القضايا:

فنحن نؤمن بضمان حقّانيّة (الأوّليّات) التي لا يحتاج الجزم بها إلى أكثر من تصوّر الطرفين، كقولنا: الكلّ أعظم من الجزء. و(الفطريّات) أي: القضايا التي قياساتها معها، والتي يصدق عليها ـ ولو بنوع من المسامحة ـ أنّها ـ أيضاً ـ لا يحتاج الجزم بها إلى أكثر من تصوّر الطرفين، كقولنا: الأربعة زوج.

أمّا الحسّيّات فعلى قسمين:

أحدهما: الإحساس بالاُمور المجرّدة النفسيّة، كالعلم، واللذّة، وهذه لا تقلّ عن الأوّليّات، فهي ـ أيضاً ـ مضمونة الصحّة.

وثانيهما: الإحساس بالاُمور الخارجيّة، وهذا تارة نتكلّم عنه بلحاظ اُفق الحسّ،