المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

41

 

 

 

 

ذكريات عن حياة شهيدنا الصدر(قدس سره)

 

1 ـ حدّثني(رحمه الله) ذات يوم: أنّه حينما كتب كتاب (فلسفتنا) أراد طبعه باسم جماعة العلماء في النجف الأشرف بعد عرضه عليهم متنازلاً عن حقّه في وضع اسمه الشريف على هذا الكتاب، إلّا أنّ الذي منعه عن ذلك أنّ جماعة العلماء أرادوا إجراء بعض التعديلات في الكتاب، وكانت تلك التعديلات غير صحيحة في رأي اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)، ولم يكن يقبل بإجرائها فيه، فاضطرّ أن يطبعه باسمه. قال(رحمه الله): إنّي حينما طبعت هذا الكتاب لم أكن أعرف أنّه سيكون له هذا الصيت العظيم في العالم، والدوىّ الكبير في المجتمعات البشريّة ممّا يؤدّي إلى اشتهار من ينسب إليه الكتاب. وها أنا ذا اُفكّر فيما إذا كنت مطّلعاً على ذلك، وعلى مدى تأثيره في إعلاء شأن مؤلّفه لدى الناس، فهل كنت مستعدّاً لطبعه باسم جماعة العلماء، وليس باسمي ـ كما كنت مستعدّاً لذلك ـ أو لا؟ وأكاد أبكي خشية أ نّي لو كنت مطّلعاً على ذلك لم أكن أستعدّ لطبعه بغير اسمي.

رحمك الله يا أبا جعفر، وهنيئاً لك على هذه الروح الطاهرة، والمعنويّات العالية العظيمة، في حين كنت تعيش في مجتمع يتكالب أكثر أبنائه على سفاسف الدنيا، أو زعاماتها، أو كسب مديح الناس وثنائهم، أو جمع ما يمكنهم من حطام الدنيا ونعيمها من حلال أو حرام.

2 ـ انفصل أحد طلّابه عن درسه، وعن خطه الفكريّ الإسلاميّ، ثُمَّ بدأ يشتمه، وينال منه في غيابه إزاء الناس، وكان كثير من كلماته تصل إلى مسامع اُستاذنا العظيم(قدس سره)، وكنت ذات يوم جالساً بحضرته الشريفة، فجرى الكلام عن هذا الطالب الذي ذكرناه، فقال(رحمه الله): أنا ما زلت أعتقد بعدالة هذا الشخص، وأنّ ما يصدر عنه ناتج من خطاً في اعتقاده، وليس ناتجاً من عدم مبالاته بالدين.