المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

397

نسبة سببيّة موت المورث لملكيّة الوارث إلى تمام الأجزاء على حدّ سواء، وفرض كون بقاء هذه العين بلا مالك خلاف الضرورة الفقهيّة، فيقال ـ حينئذ ـ: إنّ ملكيّة الوارث للتركة بالإشاعة بأحد معنييها: وهو التبعيض في المملوك غير معقولة، سواء فرض المملوك لكلّ فرد من أفراد الوارث جزءاً معيّناً، أو جزءاً مردّداً، أو كلّيّاً في المعيّن:

أمّا الأوّل: فلاستحالة الترجيح بلامرجّح بعد أن فرضنا نسبة سببيّة الموت لملكيّة الوارث إلى تمام الأجزاء على حدّ سواء.

وأمّا الثاني: فلاستحالة الترديد في الواقع ؛ إذ الوجود الواقعىّ مساوق للتشخيص.

وأمّا الثالث: فلاستلزامه بقاء ذات العين بلا مالك، وهو خلاف الضرورة الفقهيّة، إذن فالمعنى الأوّل للإشاعة منفيّ في المقام.

هذا هو كيفيّة استنباط نفي الحكم الشرعىّ من الدليل العقلىّ النظرىّ.

وقد يقع ذلك في طريق استنباط الحكم الشرعىّ في جانب الإثبات؛ وذلك بأن يضمّ ـ مثلاً ـ هذا الحكم العقلىّ باستحالة الإشاعة بهذا المعنى إلى دليل شرعىّ دلّ على سببيّة موت المورث لملكيّة الوارث، ويستنبط من ذلك ثبوت الإشاعة بمعناها الآخر(1).

وخلاصة الكلام: أنّ استنباط الحكم عن طريق تطبيق قوانين باب الإمكان والاستحالة إنّما يفيد بلا واسطة في جانب النفي فقط، وإذا ضمّ إلى دليل شرعىّ دلّ على الجامع بين الممكن والمحال، أفاد تعيّن الممكن.

الثاني: تطبيق قوانين العلّيّة على الحكم الشرعىّ بالمستوى الذي يمكن تطبيقه على الأفعال الاختياريّة، وذلك يكون في ثلاثة أبواب:

1 ـ ما يناسب أن يسمّى بباب (المستقلّات العقليّة): وهو ما إذا كان الحكم الشرعىّ معلولاً لشيء وقد أدرك العقل العلّيّة والعلّة، أو كان الحكم الشرعىّ علّة لشيء وقد أدرك العقل العلّيّة والمعلول:

أمّا الأوّل: فكما لو أدرك العقل المصلحة التامّة في أمر، (أي: مصلحة لا معارض لها)، وأدرك علّيّة ذلك للحكم بقانون تبعيّة الأحكام الشرعيّة للمصالح والمفاسد.

وأمّا الثاني: فكما هو الحال في السيرة العقلائيّة وسيرة المتشرّعة، حيث يستنبط منها الحكم الشرعىّ بعد درك العقل بالقرائن التاريخيّة وغيرها ثبوت هذه السيرة بمرأىً


(1) وهو تصوير ملكيّات متعدّدة ناقصة على مملوك واحد.