المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

388

توضيح ذلك(1) أنّنا تارة نتكلّم على مبنى علّيّة العلم الإجمالىّ لوجوب الموافقة القطعيّة وتعلّقه بالواقع، واُخرى على مبنى اقتضائه وتعلّقه بالجامع. أمّا على الثاني فلا تزاحم بين الحقّين أصلاً؛ لتمكّنه من الموافقة القطعيّة لكليها: بأن يلتزم بالجامع، ولا يلتزم بخصوصيّة أحد الفردين.

فالذي ينبغي فرضه في المقام هو المبنى الأوّل الذي هو مبنى المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله). وعليه نقول: إنّ هناك حقّين عقليّين للمولى قد تزاحما:

الحقّ الأوّل: هو حقّ الالتزام بحكم المولى، وبعد فرض عدم إمكان الموافقة القطعيّة بالالتزام بالضدّين، وفرض بقاء هذا الحقّ، وعدم سقوطه على رغم عدم إمكان الالتزام بالضدّين، لابدّ من افتراض تبدّل محور الحقّ، وتنزّله من الالتزام بالحكم بنحو الموافقة القطعيّة إلى الالتزام به بنحو الموافقة الاحتماليّة، وذلك بغضّ النظر عن الحقّ الثاني المزاحم لهذا الحقّ، وبمجرّد نكتة عدم إمكانيّة الموافقة القطعيّة وبقاء الحقّ في نفس الوقت.

الحقّ الثاني: هو حقّ ترك الالتزام بضدّ التكليف، وهذا الحقّ بغضّ النظر عن مزاحمه،


(1) هذا التوضيح في الحقيقة جواب عن إشكال قد يورد في المقام: وهو أنّ المخالفة القطعيّة لوجوب الالتزام بالواجب توأم مع الموافقة القطعيّة لحرمة الالتزام بضدّ الواجب، والمخالفة والموافقة الاحتماليّة لأحدهما توأم للمخالفة والموافقة الاحتماليّة للآخر، فالكفّتان متعادلتان.

ويمكن الجواب عن ذلك بوجهين:

الأوّل: ما قد يقال في موارد اشتباه عمل واجب بعمل آخر محرّم: من أنّه يجب التنزّل من الموافقة القطعيّة لأحدهما التوأم للمخالفة القطعيّة للآخر إلى الموافقة الاحتماليّة لكلّ منهما، فإذا كان الأمر كذلك في موارد اشتباه الواجب بالحرام، فكذلك الحال في المقام.

إلّا أنّ هذا غير تامّ في المقام لأمرين:

أوّلاً: أنّ هذا الرأي مبتن على أنّ العلم الإجمالىّ متعلّق بالجامع بحدّه الجامعىّ، لا الواقع بحدّه الواقعىّ، وأنّ العلم الإجمالىّ أصبح بذلك علّة تامّة لوجوب الامتثال بقدر الجامع، إذن فترجح كفّة الموافقة الاحتماليّة لكلا الطرفين المساوقة للإتيان بكلا الجامعين على كفّة الموافقة القطعيّة لأحدهما والمخالفة القطعيّة للآخر، في حين أنّنا في المقام نتكلّم على مبنى تعلّق العلم الإجمالىّ بالواقع، كما جاء توضيح ذلك في المتن.

ثانياً: أنّ كون العلم الإجمالىّ بناءً على تعلّقه بالجامع علّة تامّة لتنجّز الجامع فقط إنّما يعقل في العلم بالتكليف، لا في العلم بالحقّ العقلىّ؛ فإن مفهوم الحقّ قد استبطن فيه التنجّز، فمجرّد احتماله ينجزّه بحدّه الواقعىّ.

الثاني: ما جاء في المتن بتعبير (توضيح ذلك...) إلى آخره.