المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

387

وعلى أىّ حال، فلو كان مقصود صاحب الكفاية هو الذي نحن فهمناه من عبارته: من افتراض عدم وجوب الالتزام بالعنوان التفصيلىّ، وكفاية الالتزام بالواقع على إجماله جواباً مستقلّاً عن مانعيّة وجوب الالتزام عن إجراء الاُصول، فهذا هو عين الجواب الذي نقلناه عن الدراسات، وقد عرفت تعليقنا عليه.

أمّا الذي نريد بحثه هنا، فهو جوابه عن تقدير وجوب الالتزام بالواقع بعنوانه التفصيلىّ.

وظاهر عبارته(رحمه الله): أنّه على هذا التقدير له جوابان. إلّا أنّ الذي يقتضيه الفنّ هو أن يكونا شقّين لجواب واحد عن فرضين مختلفين، بأن يقال:

تارة يفترض أنّ التكليف يتطلّب الالتزام به بعينه، ولكنّنا نتنزّل من الموافقة القطعيّة إلى الموافقة الاحتماليّة بالالتزام بأحد الطرفين؛ لعدم القدرة على الموافقة القطعيّة باعتبار استحالة الالتزام بالضدّين.

واُخرى يفترض أنّ التكليف ابتداءً لا يتطلّب عدا الالتزام به، أو بضدّه تخييراً.

فإن فرض الأوّل، قلنا: إنّ الالتزام بأحدهما كان موافقة التزاميّة احتماليّة، لكنّه في نفس الوقت يحتمل أن يكون التزاماً بضدّ التكليف، وليس محذور الالتزام بضدّ التكليف عقلاً بأقلّ من محذور عدم الالتزام بالتكليف.

وإن فرض الثاني، قلنا: إنّ إشكال حرمة الالتزام بضدّ التكليف لايكون وارداً؛ لأنّ المفروض أنّ التكليف هو الذي يتطلّب منّا تخييراً الالتزام به أو بضدّه، إلّا أنّ هذا الفرض في نفسه ضرورىّ البطلان؛ بداهة أنّ التكليف لو كان يقتضي الالتزام، فإنّما يقتضي الالتزام به عيناً، لا الالتزام به أو بضدّه تخييراً.

ويرد عليه: أنّ فرضيّة عدم كون محذور الالتزام بضدّ التكليف عقلاً أقلّ من محذور عدم الالتزام بالتكليف، لا تكفي لإسقاط وجوب الالتزام في المقام. نعم، يمكن إسقاطه لو فرض كون محذور الالتزام بضدّ التكليف أقوى، أمّا مع التساوي فستترجّح كفّة وجوب الالتزام بالتكليف على كفّة قبح الالتزام بضدّ التكليف؛ لأنّ في ترك الالتزام بشيء من الحكمين مخالفة قطعيّة لوجوب الالتزام، وفي الالتزام بأحدهما مخالفة احتماليّة لقبح الالتزام بضدّ التكليف، والمخالفة الاحتماليّة أهون من المخالفة القطعيّة.