المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

378

المقام بالمنافاة بين جريان الاُصول ووجوب الالتزام؛ إذ الاُصول تنفي وجوب الالتزام بكلّ واحد من الأفراد، وبالتالي تنفي وجوب الالتزام بذاك الفرد المعلوم بالإجمال.

ولكن المختار لنا في باب العلم الإجماليّ هو تعلّق العلم بالجامع، فالوصول إنّما تمّ بهذا المقدار، والاُصول العمليّة حينما تؤدّي إلى الترخيص في ترك الحكم الإلزامىّ قد يقال بتساقطها؛ لأجل أنّ جريان بعضها دون بعض ترجيح بلا مرجّح، وجريانها في الجميع ترخيص في ترك الجامع؛ لأنّ ترك تمام الأفراد يساوق ترك الجامع. وهذا البيان كما ترى لا يأتي في طرف الالتزام، فلو لم تلزم من الاُصول مخالفة عمليّة، فلا بأس بإجرائها في تمام الأطراف؛ فإنّ غاية ما يستلزم جريانها هو الترخيص في ترك الموافقة الالتزاميّة لكلّ طرف من الأطراف، والوصول لم يتمّ إلّا بقدر الجامع، وترك الالتزام بالأطراف لا يساوق ترك الالتزام بالجامع.

وبتعبير آخر: إنّ الواجب هو الالتزام بالجامع فحسب، وجريان الأصل في تمام الأطراف لا يوجب الترخيص في ترك الالتزام بالجامع، إلّا بأحد وجوه ثلاثة:

الأوّل: توهّم قياس جانب الالتزام بجانب العمل، فكما أنّ ترك الفردين ترك للجامع كذلك ترك الالتزامين ترك للالتزام بالجامع، في حين أنّك ترى أنّ ترك الالتزامين إذا قسناه بترك العملين فصحيح أنّ تركهما يقتضي ترك الجامع بينهما، كما أنّ ترك العملين يقتضي ترك الجامع بينهما، لكنّ هذا لا يعني ترك الالتزام بالجامع، فكم فرق بين ترك الجامع بين الالتزامين وترك الالتزام بالجامع، والالتزام بالجامع يقف على الجامع كما يقف العلم بالجامع عليه.

الثاني: أن يقال: إنّ موضوع وجوب الالتزام هو الحكم الشرعىّ مع الوصول، والأصل قد نفى الجزء الأوّل من الموضوع، وهو الحكم الشرعىّ، فهذا يساوق نفي وجوب الالتزام.

والجواب: أنّ جزء الموضوع هو الجامع بين الحكمين لا واقع الفرد؛ لأنّ المقدار المنجّز هو الجامع، والجامع ليس منفيّاً بالأصل.

الثالث: أن يقال: إنّ نفي الفردين بالأصل يساوق نفي الجامع؛ فإنّ عدم الجامع ليس تكويناً أمراً وراء عدم أفراده، كما أنّ وجوده ليس أمراً وراء وجود أفراده، فإثبات الفرد إثبات للجامع، ونفيه نفي له.