المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

354

أجود التقريرات(1) وفي الدراسات) كان مبنيّاً على مبناه السابق: من أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة، وقد عدل بعد ذلك عن هذا المبنى إلى القول بأنّ التقابل بينهما تقابل التضادّ، وإنّ الإطلاق عبارة عن لحاظ عدم دخل القيد، والتقييد عبارة عن لحاظ دخل القيد، فهما أمران وجوديّان متباينان.

وعلى أىّ حال، فهذا الكلام منه في المقام خلط بين مبحثين لا علاقة لأحدهما بالآخر، فأحدهما بحث اصطلاحيّ صرف، والآخر بحث علمىّ واقعىّ.

توضيح ذلك: أنّ للفلاسفة اصطلاحاً في باب التقابل حيث سمّوا قسماً منه بتقابل التضادّ، والقسم الآخر بتقابل السلب والإيجاب، والثالث بتقابل التضايف، والرابع بتقابل العدم والملكة. وقد ذكر في كلمات القدماء تقابل العدم والملكة. ووقع البحث بين المتأخّرين في فهم مراد القدماء من هذا المصطلح، فذهب بعض إلى أنّ القابلية المأخوذة في باب العدم والملكة قابليّة شخصيّة، وبعض آخر أنّها قابليّة كلّيّة. وليس هذا إلّا بحثاً في المصطلح لا في أمر واقعىّ؛ إذ من الواضح الذي لم يشكّ فيه أحد: أنّ العدم المطلق، والعدم المقيّد بالقابليّة الكلّيّة، والعدم المقيّد بالقابليّة الشخصيّة، كلّها مقابل للوجود، ولا يمكن اجتماع واحد منها مع الوجود. وإنّما الكلام والبحث فيما هو المصطلح عليه في باب العدم والملكة، فلو وردت آية أو رواية تدلّ على أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة بالمعنى المصطلح عند الفلاسفة، كان للتفتيش عن معنى هذه الكلمة، والاستشهاد على كون الملكة المأخوذة ملكة كليّة بمثال العلم والجهل؛ لإطلاق هذا المصطلح عليهما في كلمات الفلاسفة، مجال.

ولكنّ الأمر ليس كذلك، وإنّما ينبغي البحث العلميّ بالنسبة إلى الإطلاق والتقييد عن أمر واقعىّ: وهو أن نرى أنّه ما هي النكتة التي توجب سريان الطبيعة إلى تمام أفرادها؟ هل هي العدم المأخوذ فيه القابليّة الكلّيّة، أو الشخصيّة، أو غير ذلك؟ وقد مضى منّا في بحث المطلق والمقيّد أنّ نكتة السريان إنّما هي ذات عدم التقييد، وأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل السلب والإيجاب.

الثاني: أنّ الإهمال في الحكم محال، بل هو إمّا مطلق أو مقيّد، وقد استنتج ذلك في تعليقته على المجلّد الأوّل من أجود التقريرات(2): من أنّ شوق المولى لا محالة: إمّا أن


(1) ص 104.

(2) ص 103.