المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

353

وحاصل رأيه في ذلك: أنّ الجعل ربّما لا يكون مطابقاً لغرض المولى ووافياً بتمام الغرض، وذلك كما فيما نحن فيه؛ إذ لا إشكال في أنّ الغرض: إمّا أن تعلّق بصدور الفعل عن خصوص العالم بالحكم، أو تعلّق بصدور الفعل عن مطلق العالمين والجاهلين، ولكنّ جعله لا يفي باختصاص الغرض بالعالم ولا بالإطلاق: أمّا الأوّل فلما مضى من استحالة أخذ العلم بالحكم شرطاً لذاك الحكم، وأمّا الثاني فلما مضى من عدم تفرقة القوم (ومنهم المحقّق النائينىّ(رحمه الله)) بين أخذ العلم شرطاً أو مانعاً، فيستحيل تقييد الحكم بالجهل أيضاً، وبالتالي يستحيل الإطلاق باستحالة التقييد؛ لأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد في نظره(قدس سره): تقابل العدم والملكة، فهذا الجعل مهمل لا مطلق ولا مقيّد، ومن هنا احتجنا إلى جعل آخر متمّم للجعل الأوّل لإفادة غرضه، فيجعل وجوب ذاك الفعل مرّة اُخرى مقيّداً بالعلم بالجعل الأوّل أو مطلقاً، فتحصل نتيجة تقييد الجعل الأوّل أو إطلاقه بتقييد الجعل الثاني أو إطلاقه، وهذان الجعلان لبّاً وروحاً جعل واحد؛ لأنّهما مسوقان لغرض واحد. هذا ما ذهب إليه المحقّق النائينيّ(رحمه الله).

ولنا في هذا الكلام بحثان: أحدهما بلحاظ الجعل الأوّل، وثانيهما بلحاظ الجعل الثاني:

البحث الأوّل: في الكلام في الجعل الأوّل، وقد أورد السيّد الاُستاذ على ما مضى نقله في ذلك عن المحقّق النائينىّ(رحمه الله) إيرادين:

أحدهما: أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد صحيح أنّه تقابل العدم والملكة، ففي جانب العدم اُخذت مرتبة من قابليّة الوجود بانتفائها ينتفي ذلك العدم الخاصّ، لكن ليست القابليّة المأخوذة عبارة عن القابليّة الشخصيّة حتّى ينتفي بانتفائها العدم الملحوظ في باب العدم والملكة، بل هي قابليّة كلّيّة؛ ولذا ترى أنّه يصدق على العبد كونه جاهلاً بحقيقة الباري تعالى مع أنّ التقابل بين العلم والجهل تقابل العدم والملكة، ويستحيل علم العبد بحقيقة الباري عزّ اسمه، والسبب في صدق الجهل في المقام هو كفاية مطلق قابليّته للعلم لصدق عنوان الجهل عليه، ولا حاجة في صدقه عليه إلى قابليّته للعلم بشخص هذا الأمر، فكذلك نقول فيما نحن فيه بكفاية القابليّة الكلّيّة للتقييد في صدق الإطلاق، فإذا امتنع في مورد ما التقييد، لم يمتنع الإطلاق، بل تعيّن الإطلاق.

وهذا الكلام من السيّد الاُستاذ (الذي جاء ذكره في تعليقته على المجلّد الأوّل من