المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

343

وأمّا بالنسبة إلى المقدّمة الداخليّة، فبناءً على ما ذكر من الطوليّة بين الوجوب الغيرىّ والنفسىّ يستحيل التأكّد؛ لأنّ هذه الطوليّة بناءً على تسليمها ثابتة في ذلك حتّى بالنسبة إلى الحبّ، فلا يعقل التأكّد في ملاك الحكم، لكنّا أنكرنا في محلّه الطوليّة بين الوجوب الغيرىّ والنفسىّ، فلا يستحيل التأكّد من هذه الجهة.

نعم، هنا وجه آخر لاستحالته: وهو أنّه لايكون هناك ملاكان للحكم حتّى يلتزم بالتأكّد، وإنّما هناك ملاك واحد. وإشكال اجتماع المثلين لا يكون صحيحاً، لا بلحاظ ذات الوجوب النفسىّ والغيرىّ، ولا بلحاظ الملاك:

أمّا الأوّل: فلما ذكرناه: من أنّ الحقّ عدم استحالة اجتماع المثلين في الاعتباريّات.

وأمّا الثاني: فلما ذكرناه: من عدم تعدّد الملاك، وأنّه على فرض تعدّده لا مانع من التأكّد لمنع الطوليّة.

الرابع: ما لم يذكره القوم أيضاً، لكنّه يتمّ على ما عرفت من مبناهم في مسألة التأكّد، وحاصل هذا الوجه: أنّه لو فرض عدم التأكّد، لزم اجتماع المثلين، ولو فرض التأكّد، كان محالاً، مع قطع النظر عمّا مضى من إشكال تعدّد الرتبة.

توضيح ذلك: أنّهم يقولون في مثل قوله: «أكرم العالم، وأكرم الهاشمىّ» بتأكّد الحكم في العالم الهاشمىّ، بمعنى: أنّ ثبوت كلا الجعلين في العالم الهاشمىّ محال؛ للزوم اجتماع المثلين، وسقوط أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح، فيتساقطان، ويتحقّق حكم ثالث مؤكّد في مادّة الاجتماع، فالحكمان الأوّلان لم يبقيا على إطلاقهما، بل اختصّا بغير مادّة الاجتماع، وثبت لمادّة الاجتماع حكم ثالث. وهذا لا يمكن الالتزام به فيما نحن فيه؛ وذلك لأنّه لو قيل بسقوط إطلاق الحكمين، لزم كون الحكم الأوّل مختصّاً بغير فرض القطع به،والحكم الثاني مختصّاً بغير فرض مصادفة القطع للواقع، وكلا هذين الأمرين محال:

أمّا الأوّل: فعلى مبناهم من استحالة كون القطع بالحكم مانعاً عن الحكم.

وأمّا الثاني: فلعدم قابليّة هذا الحكم للوصول؛ لأنّ القاطع ـ دائماً ـ يرى قطعه مصادفاً للواقع، فلا يرى موضوع هذا الحكم متحقّقاً، فلا يصل إليه الحكم حتّى يكون قابلاً