المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

342

ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ من بيان استحالة كون القطع شرطاً لمتعلّقه.

وهذا الوجه الذي ذكرناه هنا يكون من سنخ ما ذكر في بحث المقدّمة الداخليّة بناءً على تصويرها؛ إذ يقال فيها باتّصافها بالوجوب الغيرىّ كالمقدّمة الخارجيّة.

ويورد على ذلك: أنّ الأجزاء بنفسها متّصفة بالوجوب النفسىّ، فيلزم اجتماع المثلين.

ويجاب عن ذلك بالالتزام بالتأكّد.

ويورد على ذلك استحالة التأكّد؛ لأنّ الحكم الغيرىّ موقوف على ثبوت الحكم النفسىّ؛ إذ لولا الوجوب النفسىّ، لما اتّصفت المقدّمة بالوجوب، فهما حكمان طوليّان، وليسا في رتبة واحدة كي يعقل التأكّد.

وتصوّر السيّد الاُستاذ: أنّ المقصود من هذا الإشكال إثبات أنّ الحكمين ثابتان ومتحقّقان بحالهما من التعدّد، ولا تأكّد في البين، فأورد عليه: أنّ محذور اجتماع المثلين ناشئ من ضيق فم الزمان الثابت هنا، لا من وحدة الرتبة حتّى يدفع بتعدّدها.

وهذا اشتباه منه؛ فإنّ المقصود من الإشكال ليس ما تصوّره، وإنّما المقصود عدم معقوليّة الحكمين لا بنحو التأكّد؛ لتعدّد الرتبة، ولا بنحو التعدّد؛ لضيق فم الزمان.

والجواب عن هذا الوجه هو النقاش في المبنى، فمختارنا في باب التأكّد: أنّ التأكّد إنّما يتحقّق في ملاك الحكم، فيحصل حبّ شديد مثلاً، ولا يعقل التأكّد في الاعتباريّات، ولا مانع من اجتماع المثلين في الاعتباريّات أصلاً، فنفس الحكمين أعني: الجعلين والاعتبارين يبقيان على حالهما من التعدّد.

وهذا الجواب يرد على ما مضى من الوجه الثاني أيضاً (1).


(1) وبالإمكان استيعاب كلّ الشقوق المحتملة في المقام بأن يقال: إذا افترضنا الحكمين من سنخ الوجوب أو الحرمة أو الاستحباب أو الكراهة، فبناءً على الإيمان بمرحلة وسط بين مرحلة الحبّ والبغض ومرحلة الإبراز، وهي: مرحلة الجعل والاعتبار يأتي كلام اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): من عدم الاستحالة في اجتماع المتماثلين في الاعتباريّات. وبناءً على عدم الإيمان بذلك ينبغي أن يقصد بكون العلم بالحكم موضوعاً لما يماثله: كون العلم بمرتبة من الحبّ ـ مثلاً ـ موضوعاً لمرتبة إضافيّة، ومن الواضح إمكان ذلك، أمّا لو قصد: كون العلم بالحبّ موضوعاً لحبّ آخر من دون حصول التأكّد، فمن الواضح استحالته.

أمّا لو كان الحكمان عبارة عن الإباحة، فبناءً على الإيمان بمرتبة الجعل والاعتبار في الإباحة، فمن الواضح معقوليّة تعدّده في العامّين من وجه، وكذا العموم المطلق لو كان جعل الحكم الخاصّ قبل جعل العامّ. وبناءً على عدم الإيمان بذلك لا يتصوّر تعدّد أو تأكّد في المقام.